|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَخْفَى لِي الْمُسْتَكْبِرُونَ فَخًّا وَحِبَالًا. مَدُّوا شَبَكَةً، بِجَانِبِ الطَّرِيقِ وَضَعُوا لِي أَشْرَاكًا. سِلاَهْ [5]. لا يتوقف عدو الخير عن نصب شباك وفخاخ خفية ليصطاد الأبرياء. إنه يدَّرب عبيده العاملين لحسابه لكي يكونوا مهرة وخبراء في نصب فخاخه. يستخدمون كل وسيلة لوضع إغراءات تجتذبهم، فيسقطون في شبكة إبليس. يطلب المرتل من الله أن يحفظه من السقوط، ويحميه بروح التمييز والحكمة والقوة، فإنه لا خلاص له إلا بعمله الإلهي. * إنه يصف باختصار كل جسم الشيطان، بقوله: "المستكبرون". هذا لأن غالبيتهم يدعون أنفسهم أبرارًا وهم أشرار. ليس شيء خطير عليهم مثل عدم اعترافهم أنهم خطاة. إنهم أناس أبرار زائفون يحسدون الأبرار الحقيقيين... هذا ما أراده الشيطان أولًا، فإنه إذ سقط بنفسه حسد الإنسان القائم... ما هي الحبال؟ يقول الكتاب: كل واحدٍ "بحبال خطيته يُمسك" (أم 5: 22). ويقول إشعياء بصراحة: "ويل للجاذبين الإثم بحبلٍ طويلٍ" (راجع إش 5: 18). ولماذا دعيت حبلًا؟ لأن كل خاطي يُحفظ في خطاياه، يضيف خطية إلى خطية، وإذ يلزم أن يُتهم بخطاياه لأجل إصلاحه، إذ يدافع عن نفسه يضاعف خطاياه التي كان يلزم إزالتها بالاعتراف. وغالبًا ما يقوي نفسه بارتكاب خطايا أخرى بجانب الخطايا التي بالفعل ارتكبها... هؤلاء يبسطون خطاياهم للأبرار لكي يحثوهم أن يمارسوا الشر الذي يمارسونه هم... "بجانب الطرق وضعوا لي أشراكًا"، ليس في الطرق بل بجانبها. الطرق هي وصايا الله. هم يضعون العثرات بجانب الطرق. ليتكم لا تنسحبوا من الطرق، وبهذا لا تندفعون وتسقطون بالعثرات. القديس أغسطينوس * إنه يمد شبكته ليس للأقرباء وحدهم، ولا للأصدقاء، ولا لزوجته وإنما يمدها حتى لشخصه هو نفسه! القديس يوحنا الذهبي الفم * "بجانب الطريق وضعوا لي أشراكًا". إنهم يحاولون أن ينصبوا فخًا لي في الكتاب المقدس، بتقديم برهان ظاهري أكثر من الحقيقي. القديس جيروم * "مطمورة في الأرض فخاخهم، وحبالهم كلها في السبيل" (أي 18: 10 LXX). هذه حقيقة، فإن الشيطان يُخفي الشباك في الأرض بطريقة بها يستخدم الذين ينخدعون، أي الذين يعيشون حسب حكمة العالم (1 كو 2:6 ؛ 3: 9)، وحسب شهوات الناس (1 بط 4: 2؛ 2 بط 1: 4). يضع (الشيطان) الواشي الذين حوله على السبيل، أي بكل سبل البشر. فإنه يريد أن يصطادهم ويأسرهم بكل الطرق. يصطاد البار بالبرّ الذاتي، والخاطي بجشعه. يتغنى داود متنبأ: "بسطوا حبالهم شباكًا لقدمي، وضعوا عثرة لي بالقرب من السبيل" (مز 140: 5). الأب هيسيخيوس الأورشليمي * كيف يمكن لإنسان أن يقول إنه في مأمن من هؤلاء الأعداء؟ لقد بدأت أتكلم عن هذا، ولكنني أظن أنه ينبغي أن أعالج موضوع هؤلاء الأعداء في شيء من الإيجاز. الآن قد عرفنا الأعداء دعنا نبحث عن طريقة دفاعنا ضدهم "أدعو الرب الحميد، فأتخلص من أعدائي (مز 18: 3). لقد رأيت ما ينبغي أن تفعله أدعُ بحمد، أي أن تدعو الرب بحمدٍ، لأنك لا تكون في مأمن من أعدائك إن مدحت ذاتك. "أدعو الرب الحميد، فأتخلص من أعدائي". لأنه ماذا يقول الرب ذاته؟ "ذابح الحمد يمجدني، والمقوم طريقه أريه خلاص الله" (مز 50: 23). أين هو الطريق؟ في ذبيحة الحمد. لا تدع أرجلك تحيد عن هذا الطريق. كن فيه ولا تبتعد عنه، لا تبتعد عن مدح الرب خطوة ولا قيد أنملة، لأنك إن حدت عن الطريق، ومدحت ذاتك بدلا من أن تمدح الرب، لا تنجو من أعدائك. فقد قيل عنهم: "مّدوا شبكة بجانب الطريق" (مز140: 5). لهذا إن ظننت أن لك صلاحًا في ذاتك، ولو إلى أدنى درجة، تكون قد حدت عن طريق مدح الله. عندما تضلل ذاتك لماذا تتعجب إن ضللك عدوك؟ استمع إلى الرسول: "لأنه إن ظن أحد أنه شيء، وهو ليس شيئًا فانه يغش نفسه" (غل 6: 3). * كأنه يقول: بأي طريق تذهبون؟ "أنا هو الطريق". إلى أين تذهبون؟ "أنا هو الحق". أين ستقطنون؟ "أنا هو الحياة". لنسر إذن في الطريق بكل يقينٍ، لكننا نخشى الشباك المنصوبة على جانب الطريق. لا يجرؤ العدو أن ينصب شباكه في الطريق، لأن المسيح هو الطريق، لكن بالتأكيد لن يكف عن أن يفعل هذا في الطريق الجانبي. لهذا أيضًا قيل في المزمور: "وضعوا لي عثرات في الطريق الجانبي" (مز ١40: 5 LXX). وجاء في سفر آخر: "تذكر أنك تسير في وسط الفخاخ" (ابن سيراخ ٩: ١٣). هذه الفخاخ التي نسير في وسطها، ليست في الطريق، وإنما في الطريق الجانبي. ماذا يخيفك؟ سرْ في الطريق! لتخف إذن إن كنت قد تركت الطريق. فإنه لهذا سُمح للعدو أن يضع الفخاخ في الطريق الجانبي، لئلاَّ خلال أمان الكبرياء تنسى الطريق، وتسقط في الفخاخ... المسيح المتواضع هو الطريق، المسيح هو الحق والحياة، المسيح هو الله العلي الممجد. إن سلكت في المتواضع (المسيح) تبلغ المجد. إن كنت ضعيفًا كما أنت الآن، لا تستخف بالمتواضع، فإنك تثبت بقوة عظيمة في المجد[18]. * عندما تتَّهم نفسك لا يجد العدو فرصة يحتال بها ضدَّك أمام القاضي. فإن كنت تتَّهم نفسك، والرب هو مخلِّصك، فماذا يكون العدو سوى مجرَّد محتال؟! بهذه يستطيع المسيحي أن يحصِّن نفسه ضد أعدائه غير المنظورين (إبليس وجنوده). فبكونهم أعداء غير منظورين ينبغي مقاومتهم بطرقٍ غير منظورة. لقد قيل عنهم: "مدُّوا شبكة بجانب الطريق" (مز ١٤٠: ٥). فإن ظننت أنك بذاتك صلاح ولو إلى أدنى درجة، تكون بذلك قد انحرفت عن طريق تمجيد الله. وإذ تُضلل نفسك، كيف تتعجَّب إن ضلَّلك العدو؟! استمع إلى قول الرسول: "لأنه إن ظن أحد أنه شيء، وهو ليس شيئًا، فإنَّه يغش نفسه" (راجع غل ٦: ٣). القديس أغسطينوس * أبصر أنبا أنطونيوس فخاخ الشياطين مبسوطةً على الأرض كلها، فتنهَّد وقال: "يا رب مَنْ يفلت من كل هذه؟" فجاءه صوتٌ من السماء قائلًا: "المتواضعون يفلتون منها." سأل الإخوة شيخًا بخصوص القول السابق، قائلين: "كيف رأى هذا القديس فخاخ الشيطان، هل بطريقة محسوسة أم معقولة؟ ومَنْ هم الذين قالوا له إنّ التواضع يخلِّص منها؟" فأجاب الشيخ: "لقد رأى القديس أنبا مقار ما يشبه ذلك في البرية الداخلية من الإسقيط، فقد رأى شبه رجلين، الواحد عليه ثوبٌ مثقّبٌ وفيه أشياء ملونة والآخر يلبس ثوبًا باليًا مشبّكة به قوارير كثيرة، وكل واحدٍ منهما له أجنحةٌ كشبه غطاءٍ ملفوفٍ فيها، إلاّ أنه رأى ذلك بعين الجسد. أما القديس أنطونيوس فرأى بعين العقل جميع فخاخ الشيطان التي ينصبها للمتوحدين في كل حينٍ، ويكبِّلهم ويعوِّقهم عن السعي في طريق الفضيلة، كما هو مكتوب: "في طريقي نصبوا لي فخاخًا، وحبالًا شبكوها في مسالكي" (مز 140: 5). فلما رآها منصوبةً كشبه الفخاخ التي ينصبها الصيادون للوحوش تعجّب واحتار من كثرتها، ومن أنّ الذين يسقطون فيها لا يخلصون، وهي مثل فخّ الشره وامتلاء البطن، وفخّ محبة الفضة، ومحبة الزنا، والمجد الباطل والكبرياء... وبقية الأوجاع التي أظهرتها له الملائكة. كما أظهروا له جميع الحيل والخداعات التي يُخفون بها فخاخهم، ويقيِّدون الإخوة بها." بستان الرهبان |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
شباك وفخاخ |
تحفظني من أشواك العالم وفخاخ العدو |
الشيطان عمل بواسطة المرأة ليصطاد الرجل |
أن أيوب يتحدث عن عدو الخير الذي لن يتوقف عن اقتحام |
أسرار خفية يُعلمها الأثرياء لأبنائهم |