|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وضع الأيدي ماذا يقصد الكتاب بعملية وضع الأيدي؟ وضع الأيدي يعني أن شخصًا (أو أكثر) يضع يده على شخص (أو أكثر)، أو على رأس ذبيحة، وذلك لغرض معين، كما نرى في العهد القديم والعهد الجديد. لقد أسيء فهم وممارسة عملية وضع الأيدي كثيرًا، ومن أشخاص كثيرين في دائرة الاعتراف المسيحي. لذلك يجدر بنا أن نلقي نظرة فاحصة على الفصول الكتابية التي تحدّثنا عن عملية وضع الأيدي، حتى يتسنى لنا أن نفهم فكر الله الصحيح والمعلَن على صفحات الوحي، فينتفي كل تشويش. ومما يزيد حاجتنا إلى تلك النظرة هو الارتباط الوثيق بين وضع الأيدي - بمعناه الصحيح - والخدمة. أمثلة من العهد القديم 1- يعقوب وابنا يوسف، للبركة (تك48: 13-20) كانت عادة وضع الأيدي تمارس قديمًا – في سفر التكوين – عندما كان الأب أو الجد يضع يده على الأولاد أو الأحفاد، وكانت تلك هي علامة الاستيداع لله من شخص قريب جدًا من الله، ويستطيع أن يؤكد له بركة الله. ب) وضع الأيدي على رؤوس الذبائح كانت هذه الممارسة جزءًا هامًا من العبادة الطقسية، وكانت تعني اتحاد مقدِّم الذبيحة مع الذبيحة. وهاك بعض الأمثلة: تكريس الكهنة (خر29: 10- 25). عند تقديم الذبائح المتنوعة (المحرقة، السلامة، الخطية - لا1؛ 3؛ 4). يوم الكفارة حيث كان هارون رئيس الكهنة يضع يديه على رأس التيس الثاني (تيس عزازيل)، ويُقِرّ عليه بكل ذنوب بني اسرائيل، وكل سيآتهم مع كل خطاياهم، ويجعلها على رأس التيس، ويرسله بيد من يلاقيه إلى البرية، ليحمل التيس عليه كل ذنوبهم (لا16: 20-22). عند تكريس هارون وبنيه للخدمة الكهنوتية، كانوا يضعون أيديهم علي رأس كل من ذبيحة الخطية والمحرقة والملء (لا8: 14، 18، 22). عند تكريس اللاويين للخدمة فإنه في بادئ الأمر كان بنو اسرائيل يضعون أيديهم على رؤوس اللاويين، ثم يضع اللاويون أيديهم على رأس الذبيحة للتكفير عن أنفسهم (عد8: 10، 12). ج- كانت الأيدي توضع على رؤوس الأشخاص عند تعيينهم لوظيفة ما. كما فعل موسى عندما وضع يديه على رأس يشوع ليقوم بقيادة الشعب بعده (عد27: 15–23). أمثلة من العهد الجديد أ- للمصادقة على، واعتماد خدمة شخص أو أشخاص معينين من قبل الرب لخدمة معينة، وإعطائهم يمين الشركة في هذه الخدمة. هذا ما نراه في المواضع الآتية: أعمال6: 1–6، فقد وضع الرسل أيديهم على الرجال السبعة الذين اختارهم الاخوة للخدمة المادية (للأرامل)، وأقاموهم أمام الرسل فصلوا ووضعوا عليهم الأيدي. وكان هذا دليلاً على الشركة في المهمة التي تعينت لأولئك الخدام. أعمال13: 1-3، وضع الأنبياء والمعلمون الثلاثة أيديهم على برنابا وشاول ليستودعوهما إلى نعمة الله، ليقوما بالعمل الخاص الذي دعاهما الرب إليه، وليس لإعطائهما موهبة، ولا لرسامتهما للخدمة، ذلك لأنهما كانا يقومان بخدمة الرب قبل ذلك بمدة طويلة بموجب الموهبة المعطاة لكل منهما. وقد كانا يخدمان الرب بنشاط قبل ذلك بسنوات، كما كان لهما أكثر من سنة في أنطاكية يعلمان ويبنيان المؤمنين هناك. هذا بالاضافة إلى أن شاول الطرسوسي كان مختارًا رسولاً قبل ذلك، وأخذ رسالته، ليس من الناس بل من «يسوع المسيح والله الآب» (غل1: 1). إننا نرى في هذا العمل علامة الشركة القلبية من الثلاثة مع برنابا وشاول والمصادقة منهم على قيامهما بهذه الخدمة بين الأمم. ب) لاسترداد البصر الطبيعي ومنح ملء الروح القدس (أع9: 10 -18). هذا ما فعله حنانيا التلميذ مع شاول الطرسوسي في دمشق بتكليف من الرب. ونرى هنا أن حكمة الرب اقتضت أن يمتلئ الرسول العظيم بالروح القدس بوضع يدي ذلك التلميذ البسيط؛ لكي يضع افتخار الإنسان في التراب، إذ تم هذا حين كان الرب يدعو أعظم خدامه كرامة، والذي كان مزمعًا أن يستخدمه بطريقة لم يُستخدم بها أحد مثله. ج) لقبول الروح القدس في حالات خاصة (أع8؛ 19): في أعمال 8، وضع بطرس ويوحنا أيديهما على الذين آمنوا في السامرة فقبلوا الروح القدس. لقد رأى الرب في حكمته ألاّ ينال المؤمنون السامريون عطية الروح القدس إلا على أيدي بطرس ويوحنا، ذلك لكي لا يفتخر السامريون على اليهود، ويحدث انشقاق في الجسد الواحد. وفي أعمال 19، وضع بولس يديه على الاثني عشر تلميذًا في أفسس فحلّ عليهم الروح القدس. إن حلول الروح القدس بوضع أيدي الرسل في كلتا الحالتين السابقتين يجعلنا نتساءل: هل هناك علاقة بين وضع الأيدي وحلول الروح القدس؟ للإجابة نرجع إلى ما حدث في أعمال2: 4؛ 10: 44، حيث حل الروح القدس على المؤمنين بدون وضع أيادي. لذلك فما حدث للسامريين (أع 8)، وللأفسسيين (أع 19)، لم يكن إلا حالات استثنائية - فالحالة العامة لم يكن فيها وضع أيادي - وقد قصد الرب منها الآتي: أولاً: أن يسبغ الرب شيئًا من الإكرام الإلهي على رسل الختان وعلى رسول الأمم، وأن يقدِّم الشهادة على أن لهم سلطانًا رسوليًا من الله في الكنيسة الواحدة. ثانيًا: إعلان للمؤمنين من اليهود بمساواة المؤمنين من الأمم ومن السامريين معهم، وذلك بشهادة شهود عيان هم بطرس ويوحنا في الحالة الأولى، وبولس في الحالة الثانية. ثالثًا: حفاظًا على وحدة الكنيسة (وحدة المؤمنين)؛ كي لا توجد كنيسة منفصلة في السامرة أو في أفسس لا تعترف بكنيسة أورشليم أو أنطاكية، فكان لا بد من ختم هؤلاء بالروح القدس استجابة لصلوات ووضع أيدي الرسل. د) تيموثاوس كحالة خاصة (1تي4: 14؛ 2تي1: 6) لقد وضع الرسول بولس يديه على تيموثاوس للاعتراف بالموهبة المعطاة له من الرب بموجب نبوة سابقة خاصة بالعمل الذي دعاه إليه الرب. وقد استرشد بولس بتلك النبوة في وضع يديه على تيموثاوس. وقد وضع الشيوخ أيديهم كذلك عليه للمصادقة على خدمته وكعلامة للشركة في الخدمة. نلاحظ أن النبوة اجتمعت مع وضع الأيدي في حالة كل من برنابا وشاول (أع13: 2،3)، وفي حالة تيموثاوس (1تي4: 14). فكيفما كانت الحياة المسيحية صحيحة وجميلة، فإنها لا تجعل الخادم منفصلاً عن بقية إخوته في ممارسة الخدمة. وفي حالة تيموثاوس نقرأ أن الموهبة أُعطيت له بالنبوة وبوضع يدي بولس (2تي1: 6)، لكنها لم تعطَ له بوضع أيدي الشيوخ، إنما كان وضع أيديهم عليه تعبيرًا عن شركتهم معه. إنه بوضع يدي بولس نُقلت إلى تيموثاوس قوة مباشرة بالروح القدس، تتناسب مع هذه الخدمة الخاصة التي كان عليه أن يتممها. ولذلك نجد أن هناك فرقًا في التعبير الذي يستخدمه روح الله، والذي يبين أن توصيل الموهبة لم يعتمد على القوة المؤثرة التي كانت في الشيوخ، بل التي في الرسول بولس فقط. لذلك عندما تُذكر المشيخة يستخدم الوحي كلمة (meta) اليونانية، وتعني (مع)، للتعبير عن المشاركة، فقيل: «مع وضع أيدي المشيخة». أما حين يتكلم الرسول عن نفسه، فيذكر كلمة (dia) اليونانية، وتعني (بواسطة)، فقال: « بوضع يديَّ». فالرسول هنا هو الذي نقل الموهبة. ولم يسمع بعد عن شيوخ يمنحون موهبة، فليس هذا عملاً منوطًا بالأساقفة أو الشيوخ، لكنه امتياز رسولي، سواء لتوصيل قوة روحية أو تكليف الآخرين بوظيفة ما. لكن من يستطيع أن يفعل ذلك الآن وقد رحل الرسل من المشهد، خاصة وأن الكتاب لا يخبرنا بوجود ما يسمى خلافة رسولية؟ هـ) وضع بولس وبرنابا أيديهما على الشيوخ الذين أقاموهما للخدمة في بعض الكنائس - كنائس الأمم - (أع14: 23). وذلك بموجب سلطانهما الرسولي، وذلك لاعتماد خدمتهم وليس لمنحهم مواهب. وقد فعل ذلك أيضًا تيموثاوس وتيطس كنائبي رسول، في كنائس الأمم أيضًا، أو الكنائس التي فيها مؤمنون من اليهود ومن الأمم (1تي5: 22؛ تي 1: 5). والغرض من ذلك كان هو الحفاظ على وحدة الكنيسة، كي لا يفتخر الأمم على اليهود، ولا يحتقر اليهود الأمم. والجدير بالملاحظة أن بولس طلب من تيموثاوس ألا يضع يده على أحد بالعجلة، أي لا يصادق على أحد بتسرع، لأنه إذا أخطأ هذا الشخص الذي وضع عليه يديه، يكون تيموثاوس شريكًا في خطاياه. أخيرًا يجب أن ندرك تمامًا أن وضع الأيدي لم يكن إلا للمصادقة على خدمة الخدام، والاعتراف بالمواهب الروحية التي أعطاها لهم الرب الذي أقامهم وأرسلهم. ولم يكن وضع الأيدي حقًا يمتلكه أي شخص ويورثه لغيره. ولم يكن لمن وضعت عليه الأيدي سلطان لأن يضع يديه على غيره. وقد مارس الرسل عملية وضع الأيدي بكيفية محدودة جدًا. ليت كل من يضع الرب على قلبه أن يخدم الرب يكون متأكدًا من دعوة الروح القدس له وإرساله إياه، عندئذ يحظى بمصادقة القديسين وشركاء الخدمة الذين يعطونه يمين الشركة في الخدمة، وذلك لمجد الرب ولبركة النفوس. |
|