*من هو مستحق أن يُحرق الآن بهذه النار في قلبه، لكي لا يُحرق بها في اليوم الأخير؟ أصف لكم مَن هو الإنسان الذي له هذه النار في داخل قلبه: تخيل معي أن رجلين ارتكب كل منهما خطية من نفس النوع، وهي مثلًا أبشع أنواع الزنا. وأن واحدًا منهما لم يشعر بعد ارتكابه بخطيته بأي نوع من الندم ولا الحزن ولا التأثر، لكنه كما قيل في سفر الأمثال عن الزانية: "أكلت ومسحت فمها، وقالت ما عملت إثمًا" (أم 30: 20). اُنظر أيضًا إلى الخاطئ الثاني؛ فإنه بعد ارتكابه لخطيته لم يحتملها وكان ضميره هو الذي يعاقبه ويبكته، وكان معذبًا في قلبه، لا يستطيع أن يأكل ولا أن يشرب، صائمًا لا عن اختيار بل بسبب آلام التوبة وعذابها. تخيل معي هذا الإنسان الذي "انحنى إلى الغاية وذهب اليوم كله حزينًا، وامتلأ قلبه احتراقًا، وليست في جسده صحة" (مز 38: 6-7)، ولا تَكُفّ خطيته عن تبكيته وتأنيبه. قارن بين هذا الإنسان والإنسان الأول الذي لا يبالي بخطيته ولا يشعر بها: أيهما تُفضل؟ من منهما في رأيك يمكن أن يكون له رجاء في الرب؟ الإنسان الذي ندم على خطيته هو بالطبع الذي يكون له رجاء، فإنه كلما احترق بنار العقاب أصبح مستحقًا للرحمة. تكفيه فترة للعقاب مثل التي قررها بولس الرسول للرجل الذي ارتكب الزنا ثم ندم وحزن على خطيته، لأن العقاب كان مفيدًا له، فقد قام بولس الرسول بتوقيع العقاب عليه، وإذ رأى أن حزنه كان عظيمًا وكافيًا، قال: "لئلا يُبتلع مثل هذا من الحزن المفرط. لذلك أطلب أن تُمكّنوا له المحبة" (2 كو 2: 7-8).
ليفحص كل واحدٍ منا ضميره، ولينظر ما هي الخطايا التي ارتكبها، حتى إذا عرف أنه ينبغي أن يُعاقب، يطلب حينئذ من الله أن تأتي إليه النار التي أتت إلى إرميا، وأيضًا في تلمذيْ عمواس، لكي لا يُسلّم في اليوم الأخير إلى النار الأبدية، لأنه إذا أخطأ هنا على الأرض ولم يبالِ بخطيته ولم تعمل فيه النار الإلهية، يكون مصيره في النهاية النار الأبدية.