الخلفية التي تمت فيها أحداث هذا النص
لم تكن قد مضت عدة شهور على وفاة الملك عزيا (6: 1). وليس اعتباطًا كُتب هذا التأريخ، لأننا إن رجعنا لتاريخ حياة عزيا نجد أنه «كَانَ .. ابْنَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ.. وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ ... وَكَانَ يَطْلُبُ اللهَ فِي أَيَّامِ زكَرِيَّا الْفَاهِمِ بِمَنَاظِرِ اللهِ. وَفِي أَيَّامِ طَلَبِهِ الرَّبَّ أَنْجَحَهُ اللهُ» (2أخ26: 3-5)، وإن قرأت الأعداد من 6 إلى 15 سوف تجد قائمة بنجاح وإنجازات عزيا.
ولكننا للأسف نقرأ «وَلَمَّا تَشَدَّدَ ارْتَفَعَ قَلْبُهُ إِلَى الْهَلاَكِ وَخَانَ الرَّبَّ إِلهَهُ، وَدَخَلَ هَيْكَلَ الرَّبِّ لِيُوقِدَ عَلَى مَذْبَحِ الْبَخُورِ» (2أخ26: 16)، وحاول أن يقوم بعمل كهنوتي رغم أنه ليس من أبناء هارون ولا من سبط لاوي، مستهينًا بشريعة وهيكل الرب. «وَدَخَلَ وَرَاءَهُ عَزَرْيَا الْكَاهِنُ وَمَعَهُ ثَمَانُونَ مِنْ كَهَنَةِ الرَّبِّ بَنِي الْبَأْسِ. وَقَاوَمُوا عُزِّيَّا الْمَلِكَ وَقَالُوا لَهُ: لَيْسَ لَكَ يَا عُزِّيَّا أَنْ تُوقِدَ لِلرَّبِّ، بَلْ لِلْكَهَنَةِ بَنِي هَارُونَ الْمُقَدَّسِينَ لِلإِيقَادِ. اُخْرُجْ مِنَ الْمَقْدِسِ لأَنَّكَ خُنْتَ وَلَيْسَ لَكَ مِنْ كَرَامَةٍ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ الإِلهِ. فَحَنِقَ عُزِّيَّا. وَكَانَ فِي يَدِهِ مِجْمَرَةٌ لِلإِيقَادِ. وَعِنْدَ حَنَقِهِ عَلَى الْكَهَنَةِ خَرَجَ بَرَصٌ فِي جَبْهَتِهِ أَمَامَ الْكَهَنَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ بِجَانِبِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ. فَالْتَفَتَ نَحْوَهُ عَزَرْيَاهُو الْكَاهِنُ الرَّأْسُ وَكُلُّ الْكَهَنَةِ وَإِذَا هُوَ أَبْرَصُ فِي جَبْهَتِهِ، فَطَرَدُوهُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى إِنَّهُ هُوَ نَفْسُهُ بَادَرَ إِلَى الْخُرُوجِ لأَنَّ الرَّبَّ ضَرَبَهُ. وَكَانَ عُزِّيَّا الْمَلِكُ أَبْرَصَ إِلَى يَوْمِ وَفَاتِهِ، وَأَقَامَ فِي بَيْتِ الْمَرَضِ أَبْرَصَ لأَنَّهُ قُطِعَ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ» (2أخ26: 17-21).
وهكذا مات عزيا لأنه خان الرب، وظهر البرص في جبهته دليلاً على فساد أفكاره ونجاسته وعدم لياقته بمقادس العلي. إذًا هناك ملك مقطوع من بيت الرب، حاول التعدي والإدعاء بأنه قادر على القيام بدور كهنوتي، فكشف الرب أنه أبرص الفكر، وبالتالي لا يستحق سوى الموت لأنه خائن وليس له كرامة ولا مكان في مقادس الرب. إذا النجاسة هنا هي عدم التوافق مع مقاييس الله وشريعته. وإن كانت النجاسة هي الفكرة المقابلة للقداسة فإن رفض عزيا جاء على أساس عدم توافقه مع قداسة الله. على هذه الخلفية ظهر الرب لإشعياء.