|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الله كلي القدرة إن حقيقة قدرة الله الغير محدودة واللانهائية هي حقيقة مؤكدة مثل حقيقة وجوده له كل المجد. فإذا كان الكتاب يُعلن: »قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: لَيْسَ إِلَهٌ» (مز14: 1)، أي أنه لا يمكن أن ينكر وجود الله سوى شخص جاهل أحمق لا يستخدم عقله، بل إن رغبات قلبه الشريرة هي التي تدفعه لإنكار وجوده؛ فإن الكتاب المقدس يعلن بوضوح في رومية: أن «أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ» (رو1: 20). إذَا أي شخص عاقل يتأمل في روعة الخليقة وعظمتها لا بد أن يتيقن بكل بساطة ليس فقط من وجود خالق أوجدها، لكن من عظمة هذا الخالق وقدرته السرمدية. حقًا إن «اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ» (مز19: 1). وإذا كان الإنسان قد أدرك عظمة قدرة الله من خلال أعماله - له كل المجد - فإن كون الله كلي القدرة هي إحدى صفاته الأصيلة حتى قبل أن يَخلق أو يصنع أي من إبداعاته، لذلك تُدعى قدرته بالسرمدية. إن إله ضعيف محدود القدرة هو شيء منافٍ للعقل؛ فإنه حتى الوثنيين يفترضون في آلهتهم، التي يصنعونها بأيديهم، إمكانيات رهيبة وقدرة غير محدودة، وإن كان هذا بالطبع بدون أي منطق أو دليل. إن كلمة الله تعلن بوضوح أن الملائكة، وهم فقط «أَرْوَاحًا خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ» (عب1: 14)، هم «المُقْتَدِرِينَ قُوَّةً الْفَاعِلِينَ أَمْرَهُ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ كَلاَمِهِ» (مز103: 20). فالكتاب يخبرنا أن ملاكًا واحدًا قام بإبادة جيش كامل من المحاربين قوامه 185 ألف جندي في ليلة واحدة (2 مل19: 35)؛ فكم تكون قدرة “أبي الأرواح”، الذي أوجد الملائكة؟ وعندما تساءلت المطوبة العذراء مريم عن كيفية حدوث الحمل العذراوي دون أن تعرف رجلاً، كان جواب جبرائيل الملاك: «لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ» (لو 1: 37). وقد أكد الرب يسوع على هذه الحقيقة في مرقس 14: 36، عندما قال مخاطبًا أباه وهو يصلّي في بستان جثسيماني في أصعب لحظات حياته على الأرض «يَا أَبَا الآبُ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَكَ» (مر14: 36). لقد خلق الله الطبيعة ووضع قوانينها، لكنه لم يخَضع هو لهذه القوانين، بل إنه يُخضعها لمشيئته. لقد أبدع في خلق المجموعة الشمسية، ووضع الشمس على بعد مسافة محددة بدقة من الأرض، وجعل الأرض تدور حول الشمس وحول نفسها بسرعة محدَّدة بدقة لكي يضمن توافر المناخ الملائم للإنسان، لكي يهيئ للإنسان بيئة مناسبة لحياته. لكنه في يوم من الأيام، استجابة لصلاة عبده يشوع، جعل الشمس تظلّ في مكانها ولا تُكمل دورتها حتى انتقم الشعب من أعدائه (يش 10: 13، 14). وقد فعل الله هذا دون أن تختَّل الحياة على الأرض أو يتغير المناخ. ظلت كل الأمور تسير في مجراها الطبيعي دون تغيير، وهذا هو المستحيل في نظر العلم، لكن «هل يستحيل على الرب شيء؟» (تك18: 14). بل إن العِلم نفسه أثبت حقيقة حدوث هذا الأمر عندما وجد العِلم يومًا مفقودًا في تاريخ البشرية ولم يوجد سوى تفسير واحد لهذا اليوم، وهو هذه الحادثة التي بقيت فيها الشمس في كبد السماء طاعة لأمر مبدعها القدير. وعندما جاء الرب يسوع - له كل المجد - إلى الأرض التي صنعتها يداه، أظهر قدرته غير المحدودة على الطبيعة وقوانينها؛ فمشى على الماء (مت14: 25)، وانتهر الرياح والأمواج (لو8: 24)، وفي يديه تحوَّلت خمس خبزات وسمكتين إلى طعام وفير كافٍ لخمسة آلاف رجل غير النساء والأطفال، وفضل عنهم إثنتي عشر قفة مملوءة (يو6)، بل إنه - تبارك اسمه - أقام لعازر من الموت بعد أربعة أيام من موته، وتحلل جسده (يو 11). ويعوزنا الوقت والكلمات التي تصف عظمة قدرته في كل معجزة ذُكرت في الكتاب المقدس. فكل واحدة منهم تعلن بوضوح عن أنه هو الله كلّي القدرة الذي يسمو فوق قوانين الطبيعة التي أرستها يداه الكريمتان. لكن على الرغم من هذه القدرة المُطلقة التي بالفعل تفوق الإدراك البشري؛ فإن الكتاب يعلن عن أشياء لا يقدر الله أن يفعلها!! فهو«لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ» (2تي2: 13)، وأيضًا لا يقدر أن يكذب (عب6: 18). بمعنى أن الله لا يقدر أن يفعل شيئًا يناقض طبيعته. إن القداسة المطلقة تجعله لا يقدر أن يخطئ، وهكذا لا يمكن - له المجد - أن يناقض طبيعته. لذلك أمام هذا الكمال المطلق في كل صفاته تعالى، كانت هناك معضلة أمام قدرته؛ فإن قداسته وعدله اللانهائيان كانا يُحتِّمان عليه أن يدين الإنسان الذي أخطأ وتعدّى على وصاياه. لكن في الوقت ذاته، حبه اللامتناهي كان يأبى عليه أن يلقي بالبشر في جهنم. وبعيدًا عن نور الإعلان الإلهي في الكتاب المقدس لا يوجد حل لهذه المعضلة، حتى إن كثيرين من المفكرين في ثقافات أخرى لم يجدوا حلاً لها إلا أن يزعموا أن رحمة الله قد سبقت عدله، لذلك فهو يرحم الإنسان إذا تاب ورجع عن خطاياه. وقد فاتهم أنهم بهذا الزعم يطعنون في كماله المطلق؛ لأنه لكي يكون كاملاً كمالاً مطلقا ينبغي ألا تتفوق صفة من صفاته على الأخرى، فكما أنه مطلق في عدله، فهو مطلق في رحمته. لهذا فإن أعظم مجال ظهرت فيه قدرة الله ليست هي الخليقة على روعتها وإتقانها، بل هو صليب ربنا يسوع المسيح الذي فيه «الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا» (مز85: 10). ففي الصليب ظهرت محبة الله ورحمته في أروع صورها عندما «لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ» (رو 8: 32). وظهر عدله الكامل عندما دان الخطية، إذ حملها الابن الحبيب في جسده على الخشبة. وبعد أن أتمّ الرب يسوع العمل، ظهرت قدرة الله في إقامته من بين الأموات لكي يكون باكورة الراقدين. حتى أن الرسول بولس يصلي من أجل أخوته في أفسس لكي “تستنير عيون أذهانهم ويعلموا... ما هي عظمة قدرته الفائقة من نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السماويات”. وهناك مجال آخر يستطيع كل إنسان أن يرى بحق عظمة قدرة الله وروعتها، وأعني بذلك المعجزة التي يجريها في حياة الخاطئ عندما يرجع إليه. نقرأ كلمات الوحي: «إنْ رَجَعْتَ إِلَى الْقَدِيرِ تُبْنَى») أي22: 23). حقًا إن هذه المعجزة العجيبة لا يستطيع أن يجريها إلا القدير وحده، أن يرجع الخاطئ إليه - له المجد - بحياة مدمَّرة ونفسية مشوهة، أن يأتي إليه بعد أن أفسد كل شيء وبدّد كل ماله، ويضع هذه الصورة البشعة بين يديه في توبة حقيقية، فترى أصابع القدير تحوِّل هذا القُبح إلى جمال و“يخرج من الآكل أُكلاً ومن الجافي حلاوة”. أليس هذا ما فعله المسيح مع الخطاة الذين جاءوا إليه وتلامسوا مع شخصه الكريم؟ ألم يحوِّل المرأة السامرية من إنسانة عدوانية النزعة تهرب من الناس، فتخرج في الظهيرة لتستقي ماء بعد أن يكون الجميع قد استقوا، وتتكلم مع الرب بخشونة عندما طلب منها أن تعطيه ليشرب.. إلى كارزة عظيمة تكرز لمدينة بأكملها، فتخرج المدينة لتلتقي بالرب يسوع وتؤمن به؟! وعندما تقابل مع زكا العشار الذي كان يشي بالناس لكي يجمع الأموال التي كان يعشقها، في الحال خرجت محبة المال من قلبه، واعترف أمام الجموع أنه كان يشي بالناس، وتعهَّد أن يرد لكل من ظلمه أربعة أضعاف! وإلى اليوم ما زال - له كل المجد - يجري هذه المعجزة، وكل مؤمن حقيقي يستطيع أن يشهد عن عظمة قدرته، ويحكي عن العمل العجيب الذي عمله الرب في شخصيته وظروفه وكل شيء في حياته، عندما جاء إليه راجعًا بتوبة حقيقية. حقًا إن القدير وحده هو الذي يستطيع أن يبني حياة إنسان دمَّرها إبليس وهدمتها الخطية.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بتوليـة مريم العذراء حقيقة مؤكدة |
كل شىء يمر تلك حقيقة مؤكدة |
استند يسوع لإثبات حقيقة قِيامَة الموتى أيضا على قدرة الله |
الموت حقيقة مؤكدة |
حقيقة مؤكدة |