«وَإِنْ كُنْتُمْ تَدْعُونَ أَبًا الَّذِي يَحْكُمُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ حَسَبَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ» (1بط1: 17)؛ أي أن الله أبانا وقد رضي - في نعمته - أن يدعونا أولاده، فإنه في الوقت نفسه لا يتساهل في قداسته لكوننا أولاده، بل يجب أن يكون سلوكنا في خوف أبينا في زمان غربتنا. وإن كان المؤمن لا يأتي إلى دينونة، لكنه خاضع للقضاء والحُكم الذي يجريه الآب معنا هنا ونحن على الأرض، وهذا يختلف عن دينونة الله المستقبلة التي سيجريها الله بواسطة المسيح كابن الإنسان، بينما الذي يحكم الآن هو الآب.
ويشير الرسول أيضًا إلى حكومة الله في الأصحاح الرابع فيقول: «لأَنَّهُ الْوَقْتُ لاِبْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ. فَإِنْ كَانَ أَوَّلاً مِنَّا، فَمَا هِيَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ؟» (1بط4: 17). وهنا يشير الرسول إلى القضاء المُريع الذي حلَّ بأورشليم والهيكل والأرض أيام نبوخذنصَّر كما يصفه النبي حزقيال، ففي الوقت الذي كان الناس يظنون أن الهيكل لا يمكن أن ينهدم أو يزول، قال الرب: «ابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي» (حز9: 6). والمسيحية لا تتساهل أيضًا مع الشَّر بل تجلو هذه الحقيقة أكثر، لأن الله يحافظ على كلمته وحقه في أن يدين ويقضي على كل انحراف عنه. فلا بد أن يتوافق كل شيء مع طبيعته الطاهرة القدُّوسة، وإذا اختل مقامنا مع سلوكنا العملي فإن الله يُجري في هذه الحالة القضاء بواسطة التأديب.