* لا شيء أردأ من الإدانة للإنسان، لأن منها يتقدم إلى شرورٍ ويسقط في شرور، فالذي يدين أخاه في قلبه يتكلم عنه بلسانه ويفحص أعماله وتصرفاته، ويترك النظر فيما يُصلح ذاته، ويشغل نفسه بما لا يعنيه عما يعنيه، ومن هنا ينشأ الازدراء والنميمة والملامة والتعيير، وحينئذ تتخلّى عنه المعونة الإلهية فيسقط في ما دان أخاه عليه.
النميمة هي أن يُخبر المرء بما فعله أخوه من خطية شخصية، فيقول إنه فعل كذا. أما الإدانة فهي أن يُخبر المرء عما لأخيه من خُلُق رديء، فيقول إنه سارق أو كذاب أو ما شابه ذلك، فيحكم عليه باستمراره في هذه الصفة وعدم الإقلاع عنها، وهذا أمرٌ صعبٌ جدًا.
لذلك شبّه الرب خطية الإدانة بالخشبة، والخطية المُدانة بالقذى، وعلى ذلك تزكّى العشار رغم آثامه وشُجب الفريسي لكونه دان غيره بالرغم مما له من صدقة وصوم وصلاة وشكره لله على ذلك.
فالحكم على خليقة الله يليق بالله لا بنا، وإدانة كل واحد وتزكيته هي لله وحده، لأنه هو وحده العارف بسرّ كل إنسان وأموره العلنية، وبما يجب من الحكم في كل أمرٍ، وعلى كل شخصٍ.