|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الجدية في الجهاد 4 حَيْثُ لاَ بَقَرٌ فَالْمَعْلَفُ فَارِغٌ، وَكَثْرَةُ الْغَلَّةِ بِقُوَّةِ الثَّوْرِ. "حيث لا ثيران فالمعلف نظيف، وكثرة الغلة بقوة الثور" [ع 4] حيث لا توجد ثيران يكون المعلف نظيفًا لكن بلا نفع، أما من لديه ثور قوي فيضع غلال كثيرة ويحتاج المعلف إلى تنظيف. هكذا من لا يعمل لا يُخطئ، لكنه لا يقتني خبرة ولا يكون له ثمر، أما من يخدم ويعمل فيُخطئ ويتعلم من خطئه وينال خبرة. يوجه هذا المثل نظرتنا إلى خطورة التهور في معاملتنا للمخطئين. فإنه ليس من اللائق قتل ثورٍ يسبب عدم نظافة المعلف. حقًا بقتله يتحقق الهدف، وهو بقاء المعلف نظيفًا، لكن يفقد الشخص ثوره النافع له في الزراعة. كثيرون يتسرعون في طلب نقاوة الكنيسة باستقصاء المخطئين في تسرعٍ وتهورٍ، وفي غير طول أناة. إن كان الله يهتم حتى بالثيران، فيأمرنا ألا نكُم أفواهها (1 كو 9: 9)، فكم بالأكثر يليق بنا أن نهتم بإخوتنا، ولا نكتم أنفاسهم دون السماع لهم ، والحوار معهم. كتب القديس أمبروسيوس رسالتين، الأولى وجهها إلى أتباع نوفاتيوس الذين رفضوا قبول توبة الذين أنكروا الإيمان نتيجة الخوف من العذابات أو غيرهم ممن ارتكبوا خطايا لا تقبل التوبة عنها في نظرهم، وهي رسالة تكشف لنا جميعًا عن مقدار حب الله للخطاة، وفتحه أبواب الرجاء بلا حدود، وسهولة طريق التوبة والرجوع إلى الله، والتزامنا بطول الأناة معهم حتى نربحهم لملكوت الله. والثانية وجهها إلينا نحن الخطاة لئلا نستهين بمراحم الله، ونحول الرجاء في التوبة إلى فرصة للتراخي والتأجيل. * اللطف هو اقتداء بحنان السماء نحو البشر، يهدف نحو خلاص الجميع، باحثًا عن هذه الغاية بوسيلة تحتملها آذان البشر، دون أن تخور قلوبهم أو تيأس نفوسهم. فمن أُلقي على عاتقه إصلاح الضعفات البشرية، عليه أن يحتملها ولا يلقي بها عنه، حتى وإن أثقلت كتفيه، فالكتاب المقدس يذكر عن الراعي أنه يحمل الخروف الضال ولا يلقيه عنه... لأنه كيف يتقدم إليك من تزدري به، هذا الذي سيجد نفسه موضع تبكيت طبيبه. بدلًا من أن يكون موضع عطفه؟! تحنن يسوع علينا حتى لا يخيفنا منه بل يدعونا إليه. جاء في وداعة، في تواضع... وبهذا قال: "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (مت 11: 28). وبهذا أنعشنا الرب ولم يغلق علينا أو يطردنا. وفي اختياره للتلاميذ، اختار من يترجمون إرادته، فيجمعون شعب الله دون أن يشتتوه. فالذين يجرون وراء آراء قاسية متعجرفة، ولا يكونون لطفاء وودعاء لا يُحسبون من تلاميذ الرب. هؤلاء الذين بينما يطلبون لأنفسهم مراحم الله ينكرونها بالنسبة لغيرهم. هؤلاء أمثال معلمي بدعة نوفاتيوس، الذين يحسبون أنفسهم أبرارًا... أية قسوة أشر من أن يعاقبوا الآخرين بلا هوادة، ويرفضوا الغفران لمن يحثونهم لقبول التأديب والتوبة؟! * يجب أن نعرف أن الله إله رحمة، يميل إلى العفو لا إلى القسوة. لذلك قيل: "أريد رحمة لا ذبيحة" (هو 6: 6)، فكيف يقبل الله تقدماتكم يا من تنكرون الرحمة، وقد قيل عن الله إنه لا يشاء موت الخاطئ مثل أن يرجع (حز 18: 32)؟! القديس أمبروسيوس |
|