|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الشبع الداخلي "اَلصِّدِّيقُ يَأْكُلُ لِشَبَعِ نَفْسِهِ، أَمَّا بَطْنُ الأَشْرَارِ فَيَحْتَاجُ." [ع 25] قد يأكل الصدِّيق القليل من الطعام، لكنه يأكل بفرحٍ وبهجة القلب، فإن ما يشغله ليس لذة التذوق، بل شكر الله الذي يهبه الطعام ويقدم له الحياة. أما الشرير فلا يشبع مطلقًا، كلما أكل يطلب المزيد، حتى وإن امتلأت معدته، إذ ليس من شبع في أعماقه. في مثل لعازر والغني كان الغني يتنعم كل يومٍ مترفهًا، لكن يطلب المزيد، وبعد خروجه من العالم صار يشتهي أن يُرسل إبراهيم لعازر المسكين ليبل إصبعه بماء ويبرِّد لسانه لأنه مُعذب في اللهيب (لو 16: 14). * "فتأكلون خبزكم للشبع" (لا 26: 5)، لا أحسب هذا خاصًا ببركة مادية، كما لو كان الإنسان الذي يحفظ ناموس الله سينال ذاك الخبز العام في وفرة. لماذا لا؟ أليس الخطاة الأشرار أيضًا يأكلون خبزًا، ليس فقط في وفرة، بل وأيضًا في رغد وترف؟ لذا ليتنا بالحري نتطلع إلى ذاك القائل: "أنا هو الخبز الحيّ الذي نزل من السماء" (يو 6: 51) "وإن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد" (يو 6: 51). إذ نلاحظ أن الذي قال هذا هو الكلمة الذي تقتات عليه النفس، نتحقق أي خبز هذا الذي يقول عنه الله في البركة: "تأكلون خبزكم للشبع"، يعلن سليمان عن أمرٍ مماثلٍ بخصوص الصدِّيق، إذ يقول في سفر الأمثال: "الصدِّيق يأكل ليشبع نفسه، أما نفوس الأشرار فتحتاج". لو فهم هذا حرفيًا فقط لبدت باطلة، لأن نفوس الأشرار تأكل بأكثر نهمٍ، وتصارع لكي تشبع بينما الصدِّيق أحيانًا يجوع. أخيرًا فإن بولس كان إنسانًا صدِّيقًا وقد قال: "إلى هذه الساعة نجوع ونعطش ونعرَّى ونُلْكَم" (1 كو 4: 11) وأيضًا يقول: "في جوع وعطش، في أصوام مرارًا كثيرة" (2 كو 11: 27). كيف إذن يقول سليمان أن الصدِّيق يأكل لشبع نفسه؟ الأب قيصريوس أسقف آرل |
|