|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صراحته لم يحاول المسيح أن يسترضي شخصًا ليصبح من أتباعه، بل على العكس لما رأى جمعًا كثيرًا سائرًا معه، ربما ظنًا منهم أن تبعيته أمر سهل، إذ به يلتفت إليهم ويقول لهم: «إن كان أحد يأتي إلي ولا يبغض أباه وأمه وأولاده وإخوته وأخواته، حتى نفسه أيضًا، فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا» (لو14: 26). ثم دعاهم إلى حساب نفقة اتّباعه حتى لا يَخدع أحد منهم. وإني أتعجب وأنحني في خشوع أمام السيد العظيم؛ فكل القادة عبر التاريخ قدّموا الوعود المغرية حتى يسترضوا الناس ليضمنوا أكبر عدد من الأتباع، لكن السيد الكامل قدّم لا تاجًا بل صليبًا لأتباعه. ولم يخفِ عن بطرس أنه من ضمن مكافأت تبعيته «يأخذ مئة ضعف... مع اضطهادات» (مر10: 30). أراد المسيح أن يكون تلاميذه جماعة من الفاهمين المدركين لعظمة شخصه وكلفة اتباعه. إن التشديد اليوم هو على المكاسب التي تعود على الإنسان عندما يتبع المسيح، أما المسيح فلم يفعل ذلك. لما أتى إليه كاتب قائلاً: «يا معلم أتبعك أينما تمضي. قال له يسوع: للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار. وأما أبن الإنسان فليس له أين يسند رأسه» (مت8: 19،20). بعد عظته الشهيرة المدوَّنة في يوحنا6، حيث قدّم كلامًا فاحصًا لمس ضمائر المستمعين، رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه. وإذ به يتقدم من الاثنى عشر قائلاً لهم: «أ لعلكم أنتم أيضًا تريدون أن تمضوا؟» (يو6: 66،67)، وكأنه يريد أن يقول ”هذه هي تعاليمي وهذا هو شخصي، هل لا زلتم بمطلق إرادتكم راغبين في اتباعي“. وجاءت إجابة بطرس الرائعة المدوية عبر الأجيال: «يا رب إلى من نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك» (يو6: 68). |
|