|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الله الآب بحسب الأديان وبحسب يسوع يسوع ليس أول من استعمل كلمة “أب” للحديث عن الله. هوميروس في الأوديسيا يسمي زيوس “أب البشر والآلهة”. وفي طقوس ميترا الأسرارية يُسمى الإله “أب المؤمنين”. وتُعلم الـ “ريغ فيدا”، الديانة الهندية القديمة، أن النبات يأتي من اتحاد الأرض الأم (بريثيفي) مع السماء الأب (دياوس بيتا). هذا وإن الأبوة الإلهية في الأديان كانت تؤدي إلى الحلولية. فالأرض ليست مخلوقة من الإله، بل هي تنبع منه مثلما ينبع النور من الشمس. لهذا السبب، كان العهد القديم حذرًا جدًا في استعمال “الأبوة” في الحديث عن الله. وعندما يتحدث عن هذه الأبوة فهو يشير إليها بتوضيح ضروري. التوضيح الأول يربط أبوة الله بالعهد، بالميثاق. فإسرائيل هو ابن الله بفضل اختيار الله له وأمانته للعهد (راجع خر 4، 22 – 23؛ تث 14، 1 – 2). المعنى الثاني يشير إلى الفداء. فالله هو أب لإسرائيل لأنه يفدي ويخلص شعبه: “أنت، أيها الرب، أبونا، من الأزل دُعيت مخلصنا” (أش 63، 16). المعنى الثالث يشير إلى الخلق. “أنت يا رب أبونا، ونحن كالخزف بين يديك. أنت تصوغنا، ونحن جميعًا عمل يديك” (أش 64، 7). الله أب بمعنى أنه الخالق الحنون. إن فكرة “الخلق” تنفي كل مفاهيم الحلولية وانبثاق الخليقة من الله، وتقيم فصلاً واضحًا بين الخالق والخليقة. قلما يتوجه العهد القديم إلى الله فيدعوه “آب” بالصلاة. وعندما يستعمل ذلك، يربطه دومًا بكلمة “رب” للتشديد على سمو الله. نرى مثالاً على ذلك في سفر ابن سيراخ: “أيها الرب، أب حياتي وإلهها…” (23، 4). هناك أمر لافت في العهد القديم: إن أبوة الله لا تأخذ طابعًا أبويًا حصريًا، بل يستعين الكتّاب الملهمون بصور وخصائص أمومية. فيتم التعبير عن رحمة الله، على سبيل المثال، من خلال الحديث عن الرحم الأمومي (رحميم بالعبرية). إن حب الله لنا هو أمومي، ينبع من الأعماق، هو متجذر بكيانه الأعمق. حنة باربارا غرل تبين كيف أن الكتاب المقدس يقدم ما لا يقلّ عن 20 صورة أنثوية للحديث عن الله. “مثلما تعزي الأم ولدها، هكذا أعزيكم أنا” (أش 66، 13). لقد أصاب ذلك الطفل الذي أجاب على السؤال عما إذا كان الله أبًا أو أمًا عندما قال: “إن الله أبٌ يحب بقلب أًم”. ولكن هناك أمر آخر هام: إن كُتّاب العهد القديم، لا يكتفون باستعمال التشابيه الأبوية والأمومية للحديث عن الله، بل يبينون كيف أن أبوة وأمومة الله تتجاوز المحدودية التي تميز هذه الأدوار البشرية. نستشهد بآيتين لإيضاح الفكرة: ” قالت صهيون: ’تركني الرب ونسيني سيدي‘. ’أتنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟ حتى ولو نسيت النساء فأنا لا أنساك” (أش 49، 14 – 15). وأيضًا: “إذا تركني أبي وأمي فالرب يقبلني” (مز 27، 10). |
|