|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بركات الرجوع إلى الله: 14 وَيَقُولُ: «أَعِدُّوا، أَعِدُّوا. هَيِّئُوا الطَّرِيقَ. ارْفَعُوا الْمَعْثَرَةَ مِنْ طَرِيقِ شَعْبِي». 15 لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الْعَلِيُّ الْمُرْتَفِعُ، سَاكِنُ الأَبَدِ، الْقُدُّوسُ اسْمُهُ: «فِي الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ الْمُقَدَّسِ أَسْكُنُ، وَمَعَ الْمُنْسَحِقِ وَالْمُتَوَاضِعِ الرُّوحِ، لأُحْيِيَ رُوحَ الْمُتَوَاضِعِينَ، وَلأُحْيِيَ قَلْبَ الْمُنْسَحِقِينَ. 16 لأَنِّي لاَ أُخَاصِمُ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ أَغْضَبُ إِلَى الدَّهْرِ. لأَنَّ الرُّوحَ يُغْشَى عَلَيْهَا أَمَامِي، وَالنَّسَمَاتُ الَّتِي صَنَعْتُهَا. 17 مِنْ أَجْلِ إِثْمِ مَكْسَبِهِ غَضِبْتُ وَضَرَبْتُهُ. اَسْتَتَرْتُ وَغَضِبْتُ، فَذَهَبَ عَاصِيًا فِي طَرِيقِ قَلْبِهِ. 18 رَأَيْتُ طُرُقَهُ وَسَأَشْفِيهِ وَأَقُودُهُ، وَأَرُدُّ تَعْزِيَاتٍ لَهُ وَلِنَائِحِيهِ 19 خَالِقًا ثَمَرَ الشَّفَتَيْنِ. سَلاَمٌ سَلاَمٌ لِلْبَعِيدِ وَلِلْقَرِيبِ، قَالَ الرَّبُّ، وَسَأَشْفِيهِ. 20 أَمَّا الأَشْرَارُ فَكَالْبَحْرِ الْمُضْطَرِبِ لأَنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْدَأَ، وَتَقْذِفُ مِيَاهُهُ حَمْأَةً وَطِينًا. 21 لَيْسَ سَلاَمٌ، قَالَ إِلهِي، لِلأَشْرَارِ. مع ما ارتكبوه من فساد وزنا روحي فإن الله ينتظر رجوعهم إليه بالتوبة ليهبهم البركات التالية: أ. يرثون الأرض كطريق يعبرون به إلى الميراث الأبدي. وكما يقول الرب: "طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض" (مت 5: 5)، وجاء في المزمور "لأن عاملي الشر يقطعون، والذين ينتظرون الرب هم يرثون الأرض" (مز 37: 9). "أما المتوكل عليّ فيملك الأرض ويرث جبل قدسي. ويقول: اعدوا اعدوا، هيئوا الطريق" [13-14]. إن كانت الأرض هنا تُشير إلى كنعان وجبل قدس الرب تُشير إلى صهيون، فان التوبة تهب الإنسان تمتعًا بالبركات الإلهية في هذا العالم كعربون لأورشليم السماوية. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن الله وعدنا بمهر سماوي: "ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان" (1 كو 2: 9) [لقد عين هذه كمهر وهي: الخلود، تسبيح الملائكة، التخلص من الموت، التحرر من الخطية، ميراث الملكوت الذي ثروته عظيمة هكذا، البر، التقديس، الخلاص من الشرور الحاضرة، اكتشاف البركات المستقبلة. عظيم هو مهري...! هدايا الخطبة هي البركات الحاضرة التي تشوّقنا إلى البركات المقبلة، أما المهر بكماله فيُعْطَى في الحياة الأخرى]. إن كانت "الأرض" تُشير إلى الجسد فان العربون الذي نناله هنا هو أن نملك الجسد أي نحمل سلطانًا عليه لنحيا مقدسين في الجسد بروح الله الساكن فينا. بقوله "اعدوا، اعدوا، هيئوا الطريق" [14]، إنما يعني قبولنا المسيح مخلصنا بكونه "الطريق"، به وفيه ننعم بالميراث الأبدي. ب. نزع العثرة، إذ يُقال: "ارفعوا المعثرة من طريق شعبي" [14]. ج. سكنى الله في وسطهم إذ يُحسبون جبل الله المرتفع المقدس [15]. بقدر ما يتضعون في أعين أنفسهم يرفعهم الله ويحسبهم أهلًا لسكناه، إذ يُقال: "اسكن... مع المنسحق والمتواضع الروح لأحييّ روح المتواضعين ولأحييّ قلب المنسحقين" [15]. * إنه بعيد عن المتكبر، قريب من المتواضع؛ "لأن الرب عالٍ ويرى المتواضع" (مز 138: 6). لا يظن المتكبرون في أنفسهم أنهم غير منظورين، "أما المتكبر فيعرفه من بعيد" (مز 138: 6). لقد رأى الفريسي من بعيد، إذ افتخر بذاته، أما العشار فكان قريبًا منه ليعينه لأنه اعترف (بخطاياه) (لو 18: 9-14). القديس أغسطينوس القديس يوحنا الذهبي الفم "لأني لا أخاصم إلى الأبد ولا أغضب إلى الدهر" [16]. وكما يقول القديس أغسطينوسأن ما نُعانيه من متاعب هنا هو بسبب غضب الله (على خطايانا) حتى نتوب. يكمل الحديث هكذا: "لأن الروح يُغشى عليها أمامي والنسمات التي صنعتها" [16]... الله الذي خلق النفوس البشرية لن يتركها بل يشتاق ويعمل لخلاصها. "من أجل أثم مكسبه غضبت وضربته، استترت وغضبت فذهب عاصيًا في طريق قلبه، رأيت طرقه وسأشفيه أقوده وارد تعزيات له ولنائحيه" [17-18]. ما يحل به من ضربات هو غضب إلهي، فان الله في محبته يستتر ويغضب ليضرب أولاده إلى حين. ربما عَنَى بالاستتار هنا أنه لا يحتمل أن يرى أولاده تحت الألم والضيق لذا يكون كمن يضرب ويستتر إلى لحيظة حتى يجتذب بالتعب أولاده. لذا يؤكد أنه وإن بدا كمن استتر لكن عينيه على طرق المودِّبين بواسطته حتى يشفيهم ويقودهم بنفسه ويعوض نوحهم بتعزيات إلهية. حب إلهي أبوي فائق! * إن عانيت من شر فاحتملته بلطف تُنزع عنك كل الشرور. *هكذا هو حب الله المترفق. أنه لن ينزع وجهه عن التوبة الصادقة، فإنه حتى وإن كان الإنسان قد اندفع إلى الشر حتى النهاية عينها إذ يختار الرجوع إلى الحياة الفاضلة يقبله الله ويرحب به ويعمل كل ما هو لإصلاحه ويرده إلى حالته الأولى. القديس يوحنا الذهبي الفم يدعو البعيدين (غير المؤمنين) والقريبين (المؤمنين الساقطين) لكي يأتوا بالتوبة إليه لينالوا سلامًا مضاعفًا. وكما يقول القديس أغسطينوس: [وعد الرب بالتعزية الحقيقية في كلمات إشعياء: "أعطيه تعزية حقيقية، سلامًا فوق سلام" [17] (LXX). بدون هذه التعزية يجد الناس أنفسهم وسط بهجة أرضية هي انحلال أكثر منها راحة]. وأيضًا: [ما يدعوه الشرير فرحًا ليس بفرح]. |
|