|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الاتكال على فرعون في الأصحاح السابق طالبهم الرب أن يرجعوا إليه في هدوء وطمأنينة، ويثقوا في خلاصه، عوض الاتكال على الذراع البشري والحكمة الإنسانية المجردة والإمكانيات الزمنية (إش 29: 15). الآن يحذرهم من الاتكال على فرعون متجاهلين عنصر "عمل الله"، معلنًا لهم أن مشورتهم البشرية تؤول إلى خزيهم فينهاروا، لكنه يبقى الله منتظرًا الفرصة ليعلن رحمته ويرعب آشور الذي أرعبهم كأنه يكشف خيانة يهوذا مع أمانة الله وحبه نحوهم. يرى بعض المفسرين أن الحديث هنا موجه إلى آفرايم حيث ورد في (2 مل 17: 4) عن معاهدة تمت بين هوشع بن إيلة ملك إسرائيل (آفرايم) وسوا ملك مصر مع ثورته ضد آشور ورفضه دفع الجزية له، أكثر منه وجود معاهدة بين يهوذا ومصر... لكن بقية الحديث موجه إلى يهوذا وأورشليم أنه حديث إلهي موجه ضد كل إنسان يتجاهل الله متكلًا على ذراع بشرية. تحذير من الاتكال على فرعون: 1 «وَيْلٌ لِلْبَنِينَ الْمُتَمَرِّدِينَ، يَقُولُ الرَّبُّ، حَتَّى أَنَّهُمْ يُجْرُونَ رَأْيًا وَلَيْسَ مِنِّي، وَيَسْكُبُونَ سَكِيبًا وَلَيْسَ بِرُوحِي، لِيَزِيدُوا خَطِيئَةً عَلَى خَطِيئَةٍ. 2 الَّذِينَ يَذْهَبُونَ لِيَنْزِلُوا إِلَى مِصْرَ وَلَمْ يَسْأَلُوا فَمِي، لِيَلْتَجِئُوا إِلَى حِصْنِ فِرْعَوْنَ وَيَحْتَمُوا بِظِلِّ مِصْرَ. 3 فَيَصِيرُ لَكُمْ حِصْنُ فِرْعَوْنَ خَجَلًا، وَالاحْتِمَاءُ بِظِلِّ مِصْرَ خِزْيًا. 4 لأَنَّ رُؤَسَاءَهُ صَارُوا فِي صُوعَنَ، وَبَلَغَ رُسُلُهُ إِلَى حَانِيسَ. 5 قَدْ خَجِلَ الْجَمِيعُ مِنْ شَعْبٍ لاَ يَنْفَعُهُمْ. لَيْسَ لِلْمَعُونَةِ وَلاَ لِلْمَنْفَعَةِ، بَلْ لِلْخَجَلِ وَلِلْخِزْيِ». 6 وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بَهَائِمِ الْجَنُوبِ: فِي أَرْضِ شِدَّةٍ وَضِيقَةٍ، مِنْهَا اللَّبْوَةُ وَالأَسَدُ، الأَفْعَى وَالثُّعْبَانُ السَّامُّ الطَّيَّارُ، يَحْمِلُونَ عَلَى أَكْتَافِ الْحَمِيرِ ثَرْوَتَهُمْ، وَعَلَى أَسْنِمَةِ الْجِمَالِ كُنُوزَهُمْ، إِلَى شَعْبٍ لاَ يَنْفَعُ. 7 فَإِنَّ مِصْرَ تُعِينُ بَاطِلًا وَعَبَثًا، لِذلِكَ دَعَوْتُهَا «رَهَبَ الْجُلُوسِ». "ويل للبنين المتمردين يقول الرب حتى أنهم يجرون رأيًا وليس مني، ويسكبون سكيبًا وليس بروحي، ليزيدوا خطيئة على خطيئة، الذين يذهبون لينزلوا إلى مصر ولم يسألوا فمي ليلتجئوا إلى حصن فرعون ويحتموا بظل مصر" [1-2]. يلاحظ هنا في الويل الرابع الآتي: أ. يدعوهم أبناء متمردين، لأنهم رفضوا مشورة الله أبيهم ولم يثقوا فيه إنما حسبوا فرعون أباهم الذي ينقذهم. بنوتنا لله ليست كلامًا ولا عواطف مجردة لكنها التقاء معه واتكال عليه ودخول معه في علاقات عميقة عملية؛ هذه البنوة تديننا إن لم نسلك كما يليق بها. ب. لقد أروا رأيًا [1] أي تشاوروا فيما بينهم ولم يطلبوا مشورة الله ولا سألوا رجاله المخلصين. ج. "يسكبون سكيبًا" أو "يغطون غطاءً وليس بروحي" [1]، بمعنى أنهم أرادوا أن يغطوا على مشورتهم ويخفون عني ما يفعلونه (إش 29: 15-16)، فحرموا أنفسهم من قيادة روحي القدوس. د. "ليزيدوا خطيئة على خطيئة" [1]،هكذا كانوا ينحدرون في سلسلة من الخطايا، بدأت بالتمرد على أبيهم السماوي، إذ حسبوه عاجزًا عن حمايتهم، ثم تشاوروا متجاهلين مشورته، ثم حاولوا إخفاء تصرفاتهم إلخ... ه. "الذين يذهبون لينزلوا إلى مصر ولم يسألوا فمي" [2]؛ فقد بعثوا رسلًا إلى فرعون للتحالف معه... نزلوا إلى مصر، ولم يقبلوا الله الذي يرفعهم إليه، قبلوا النزول عوض الصعود، أو الانحدار عوض الارتفاع نحو السمويات. أولاد الله يقبلون الانحدار والنزول كما إلى محبة العالم (مصر) إنما يمارسون النمو الدائم ليصعدوا كل يوم نحو الحياة السماوية، قائلين: "هلم نصعد إلى جبل الرب" (مي 4: 2). و. يُعتبر الحصن الفرعوني لهم خجلًا وحماية مصر ظلًا مخزيًا [3]. لقد بلغ رسلهم إلى صوعن وحانيس يطلبون العون والمشورة فنالوا خجلًا وخزيًا. صوعن عاصمة مصر العليا، على الضفة الشرقية من الدلتا وعلى فرع النيل الطافي، حصنها الملوك وجعلوها عاصمة تراقب الهجمات القادمة من الشرق على مصر. في هذه المدينة تمت المفاوضات بين موسى وفرعون (مز 78: 12، 43)، احتلها الآشوريون فيما بعد، ودعاها اليونان "تانيس"، حاليًا تُدعى "صا الحجر". حانيس، تبعد نحو 50 ميلًا جنوب ممفيس على الضفة الغربية للنيل، وهي لا تزال معروفة بأهناس، أي أهناسيا، وكانت معروفة في العصر اليوناني الروماني بهيراكليوبوليس العظمى. يشبه النبي الرسل القادمين من يهوذا إلى مصر ببهيموث Behemoth (بهائم الجنوب: [6])، يقصد نوعًا من التماسيح المصرية hippopotamus. جاءوا يطلبون النجدة من بلد مملوءة شدائدًا وضيقات غير قادرة على إنقاذ نفسها، مملوءة بالأسود والأفاعي والثعابين السامة الطيارة، جاءوا يحملون خيراتهم على الحمير والجمال كهدايا لفرعون ورجاله العاجزين عن حمايتهم. جاءوا للأمان في منطقة متاعب ومخاطر قاتلة. يدعو مصر باسم شعري رمزي "رهب الجلوس" [7]؛ يُقصد برهب "الرحب" أو "المتسع" أو "العظيم" أو "المتكبر"، فقد تكبرت مصر وتعجرفت مقدمة وعودًا جميلة لكن غير واقعية، وعوض أن تقوم لتعين مملكة يهوذا وتسندها "جلست" تراقب يهوذا وهي تُسْبَى إلى بابل. هكذا يُحذر إشعياء النبي مملكة يهوذا التي أُصيبت بالغباء والعمى حيث لجأت إلى مصر المتكبرة تطلب حمايتها. |
|