|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أبَتي خبِّرني عن ذاك السواد، كيف تبدَّل؟ أنت تعرف الكثير عن حياة الهائمين في الدُنيا، وهم لا يكترثون بمَن يكون الإله الحقيقي. أنت تعرف دواخِل الإنسان الذي يحيا لِهواهُ، ولا يسعي سِوي وراء اللذة، لِأنك جرَّبت يومًا أن تكون أنت، ذلك الإنسان! أنت تعرِف الكثير الكثير عن الإنسان الذي يحيا بلا ضابطٍ، ولا يهذِّب غرائزه، ولا يضِع حدودًا للهوي! قتلت وسرقت وقطعت الطرق علي العابرين فيها بسلامٍ، وبدَّلت سلام طُرقهم بخطفٍ و ضياعٍ و اضطراب! فخبِّرني: كيف كففت عن شهوة الإقتناء، و التجبُّر، و أخذ المُشتهيات بالإكراه؟ كيف تصالحت مع ذاتك من الداخل، بعد أن تبصَّرت بشناعة أن تقتِل إنسانًا! قد كنت أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، فكيف تعفَّفت و قاومت الشرهِ وذللت جسدك، إلي أن وجدت الشبع الكامل في خبز الحياة! و الزنى! آهٍ يا أبَتي مِن شَيطان الزنى ما أعنفَهُ! لقد عرفنا عنك أنك -و بكليَّتك- إنغمست إلى الغاية في حياة النجاسة، وكان الزني في حياتك السابقة كمثل الطعام والشراب، أمرًا عاديًا ، بل ومحبوبًا أيضًا! فكيف تحطَّمَت متاريس العادات التي كانت تُكَبِّل حياتك؟ خبِّرنا عن عنف الصراع خبِّرنا عن إحباطات الفشل في الجهاد خبِّرنا عن تكرار المحاولات بعد كل سقطةٍ عنيفة. ربما لا تحتاج أن تُخبِّرنا، لِأننا اليوم -جميع الأمناء منّا يعترفون- بشكلٍ أو بأخر نحيا في نفس الصراع، و نعرف تفاصيله! فتعال أنت وخبِّرنا عن ما لا نعرفه.. أخبِر الزناة بإنَّ حياة الطهارة ليست مستحيلة المنال كلِّمنا يا أبَتي موسى، أبَتي موسى، عن حلاوة الطهارة!! أنت في حياتك الأولى، لم تترك شرًا إلا وإرتكبته. ولكنك في الأعماق، الأعماق، كنت تبحثُ عن الإله الحقيقي. كنت تنظر إلي الأعالي، وتصرخ قائلاً: "أيها الإله الحقيقي، عرِّفني ذاتك!" فتجلَّي لك الله، وأعلن لكَ ذاته، لأنك كنت تطلبهُ من الأعماق رغم كل مافيكَ، رغم كل ماضيكَ! و أمَّا أنا، فإني أُحِبُّكَ حبًا خاصًا. لِأنك في عَيني شمعة الرجاء، التي تُضي الطريق أمام خطوات الذليل، و تخبرهُ: لكَ رجاء! فإذكرني. |
|