|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إله الحياة (حك 1: 13- 15؛ 2: 23- 24) يتناول السفر الحكمي الشهير النص الّذي دونّه كاتب سفر الحكمة. فهو يخاطب معاصريّه، مع الأخذ في الإعتبار، الحركة العظيمة، في جماعة من أصل يهودي كانت تعيش في الإسكندرية بمصر. وهذا الجماعة والّذي يتميز بقدر كبير من عدم اليقيّن والحيرة فيما يتعلق بحدود العالم الّتي أصبحت كل يّوم واسعة بشكل متزايد واليقينيات الّتي كان يُعتقد إنّها لا تتزعزع في الماضي، والّتي يبدو الآن إنّها تتلاشى في الهواء. فإنّنا كقراء يخاطبنا مؤلف كتاب الحكمة نميل إلى الإعتقاد، مثل العديد من معاصريّ الكاتب، إنّ العالم وحياة البشر ذاتها هي شيء سريعة الزوال، ومُقدرين للتلاشى في الهواء. يبدو إنّ حياة الإنسان لا تحمل في داخلها سوى ما وراء الموت. ففي كلّ يّوم يقترب الإنسان من نهايته فهو بلا شك يقترب من الموت. للتصدي لمواجهة هذا الإغراء، الّذي ربما يكون قريبًا جدًا من طريقة تفكيرنا في هذا العصر، يؤكد مؤلف سفر الحكمة بقوة إنّ وجود العالم والإنسان ليس إعلان عن الموت، بل عن الحياة. وهنا يأتي الوحيّ الإلهي بفكر يتناقض مع الفكر البشري. إذ أنّ السرّ الكامن وراء الوجود الإنساني ليس مصيرًا أعمى وقاسيًا، بل خطة للحياة الطوباويّة. إنّ الله، بحسب قول كاتب سفر الحكمة: «لم يَصنعِ المَوت ولا يُسَرّ بِهَلاكِ الأَحْياء فإنّه خَلَقَ كُلَّ شيَءٍ لِكَي يَكون وإنّ خَلائِقَ العالَمِ مُفيدة ولَيسَ فيها سَمّ مُهلِك ولا مُلْكَ لمَثْوى الأمْوات على الأرض لإنّ البِرَّ خالِد» (حك 1: 13- 15). فقد نجد هذا منذ السطور الأوّلى بسفر التكوين. مما يؤكد أنّ الشّرّ والموت لمّ يكونا منذ البدء في خطة الله الأصليّة. بل في خطة الله، خُلق كل شيء من أجل وجود الإنسان، وكانت حياة الإنسان دائمًا الحلم الإلهي لخليقته موضحًا: «إنّ اللهَ خَلَقَ الإنسان لِعَدَم الفَساد وجعَلَه صورةَ ذاتِه الإلهِيَّة لكِن بِحَسَدِ إبليسَ دَخَلَ المَوتُ إِلى العالَم فيَختَبِرُه الّذينَ هم مِن حِزبِه. مُقارنة بَينَ مَصيرِ الأَبرارِ ومَصيرِ الكافِرين» (حك 2: 23- 24). هذا الكشف الإلهيّ الّذي يرويه علينا اليّوم، مؤلف سفر الحكمة، لهو قديم منذ القرن الأول قبل الميلاد، وسنراه يُعلن على لسّان يسوع بقوة في مقطع العهد الثاني بحسب إنجيل مرقس. |
|