|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"من البريّة إلى متانة، ومن متانة إلى نحليئيل، ومن نحليئيل إلى باموت، ومن باموت إلى الجِواء التي في صحراء موآب عند رأس الفسجة التي تشرف على وجه البريّة" [18-20]. يُعلِّق العلامة أوريجينوس على ذلك بقوله: [تبدو هذه الأسماء أنها لمواضع معينة، لكننا إذا رجعنا إلى اللغة الأصليّة لمعانيها لقدمت لنا مجموعة من الحقائق السريّة أكثر منها أسماء أماكن]. أولًا:الانطلاق إلى متانة، إن كانت كلمة متانة كما يقول العلامة أوريجينوس تعني "عطاياهم"، فإن النفس التي ترتوي من البئر، أي تتعرف على شخص السيد المسيح الذي قادنا إليه موسى خلال الشريعة والنبوات وأعلنه لنا التلاميذ والرسل، يليق بنا أن نقدم عطايانا له وتقدماتنا التي هي في الحقيقة عطاياه هو وتقدماته، إذ يقول الرب "قرباني طعامي مع وقائدي رائحة سروري تحرصون أن تقدموه لي في وقته" (عد 28: 2). شربنا من البئر هو قبول عطيّة الله، إذ يعرفنا عن نفسه، ويقدم حياته لنا، فنقابل الحب بالحب لنقدم له حياتنا، وكما يقول الكتاب "ماذا يطلب منك الرب إلهك إلا أن تتقي الرب إلهك لتسلك في كل طرقه وتحبه وتعبد الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك" (تث 10: 12). إذ نقدم له هذه العطايا من قلبنا بعد أن نكون قد عرفناه، أي بعد أن نكون قد شربنا معرفة لطفه من أعماق بئره]. ثانيًا: من متانة إلى نحليئيل، فإن كلمة "نحليئيل" تعني "من الله". إذ يقدم الإنسان حبًا عمليًا لله وعطايا وتقدمات، يرد الله له عطايا إلهيّة. لقد قدَّم إبراهيم ابنه الوحيد، فرد إليه حيًا وقدم له الكبش الفدية! بقدر ما يتسع قلبنا بالحب العملي يملأ الله بروحه القدوس القلب من ثماره الخفيّة المشبعة للنفس. ثالثًا: من نحليئيل إلى باموت التي تعني مجيء الموت، حيث يشتهي الإنسان العبور بقوة منتصرًا على الموت، متطلعًا إليه كانطلاقة نحو السمويات. [يقول الله أنا أُميت وأُحيي (تث 32: 39). حقًا إنه يميت لكي نحيا مع المسيح، وهو يحيي لكي نحيا معه. إذًا يجب علينا أن نشتهي البلوغ إلى باموت ونترجى أن يحل هذا الموت الطوباوي بأقصى سرعة حتى نستحق أن نحيا مع المسيح]. رابعًا: من باموت إلى الجواء التي تعني "صعود أو قمة الجبل". هذه هي غاية رحلتنا أن نرتفع إلى الفردوس، لنتمتع بإقامة جميلة على قمة جبل الكمال ونتمتع بالبهجة الروحيّة، قائلين [أقامنا معه وأجلسنا معه في السمويات في المسيح يسوع] (أف 2: 6). هذه هي الرحلة: من بئر المعرفة الإلهيّة في المسيح يسوع المخلص، إلى تقديم عطيّة حبنا، وقبول عطاياه الإلهيّة، لنرتفع إلى جبال كماله. |
|