|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بعد أعجوبـة عُرس قانـا الجليل والتى فيهـا صنع يسوع أولـى عجائبـه الزمنيـة (يوحنا1:2-11)، يذكر لنـا القديس يوحنا الإنجيلي: “وبعد هذا انحدر الى كفر ناحوم هو وأمـه واخوتـه وتلاميذه ولبثوا هناك أيامـا غير كثيرة”(يوحنا12:2)، ثم بعد هذا ترك يسوع كفر ناحوم وذهب الى أورشليم “وكان فصح اليهود قد قرب فصعد يسوع الى أورشليم”(يوحنا13:2)، ومن الـمرّجح ان مريم العذراء قد رافقت إبنهـا فى هذه الزيارة فهى تعودت ان تذهب الى اورشليم بمناسبة العيد “وكان أبواه يذهبان الى اورشليم كل سنة فى عيد الفصح”(لوقا41:2). وهنا فى أوؤشليم يظهر يسوع للـمرة الأولـى كـمرسل من الله يتفقد الهيكل وطرد الباعة والصيارفة “لا تجعلوا من بيت أبي بيت تجارة”(يوحنا16:2). وفى فترة العيد “آمن باسمه كثير من الناس لـما رأوا الآيات التى أتـى بهـا”. وبعد هذه الأيام غادرت مريم أورشليم وتركت يسوع يتابع جولاتـه التبشيريـة فى مدن اليهوديـة وقراهـا، امـا مريم فمن الـمحتمل انهـا عادت الى الناصرة موطنها الأول وعاشت فيهـا، على الرغم مما ذكره متى الإنجيلي “ولما سمع يسوع ان يوحنا قد ُسلم انصرف الى الجليل وترك الناصرة وجاء فسكن فى كفر ناحوم التى على شاطئ البحر فى تخوم زبولون ونفتالي”(متى12:4-14) ويذكر ايضا فى موضع آخر:”فركب السفينة وإجتاز العبـر وأتى الى مدينته فى كفر ناحوم”(متى1:9)، وهذا لا يؤكد إذا ما كانت مريم كانت تعيش مع يسوع فى كفر ناحوم أم انها كانت تقيم فى الناصرة حيث قد تركته لرسالتـه التى جاء من أجلهـا للعالـم. وكانت تلتقى بيسوع فى فترات قصيرة للغايـة فكان اللقاء والإفتراق صعب ومؤلـم على الأم، ولكن كانت القديسة مريم تقبل فى أستسلام لـمشيئة اللـه. وهذه اللقاءات تمت فى أعياد الفصح فى أورشليم (ثلاث أعياد مرّت فى حياة يسوع العلنيـة)، وفى كل مرّة كان يـمر يسوع فى الناصرة أو بجوارهـا، وعندما ذهبت مع الأقرباء محاولـة منعهم “فخرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا انه شارد العقل”(مرقس21:3). وبدأت أخبار يسوع وأخبار العجائب تتناقل وتعاليـمه تنتشر “وسار بعد ذلك فى كل مدينة وقريـة ينادي ويبشر بـملكوت الله ومعه الإثناعشر(لوقا1:8). فكان يسوع يعلّم “كـمن لـه سلطان وليس كالكتبة والفريسيين”(متى28:7)، وكانت الجموع فى بلدته تتعجب قائلة:”من أين له هذه الحكمة والقوات. أليس هذا إبن النجّار”(متى54:13). كانت تعاليـم يسوع تعاليـم بسيطة فى كلمات بسيطة لهذا نفذت الى القلوب. ووصل يسوع فى جولاتـه التبشيرية الى الناصرة حيث موطنه الذى عاش فيـه وعـمل، والقديسة مريم كانت مقيمة فيهـا و”أتى الناصرة حيث نشأ”(لوقا16:4-30)، وفى مجمع الناصرة أعلن يسوع صراحـة أنـه الـمسيح الـمنتظر بعد أن قرأ نص اشعيا النبي الذى يتنبأ عن الـمسيّا، فقال لهـم: “اليوم تـم هذا الـمكتوب فى مسامعكم”. ولكن كان هجوم أهل الناصرة عليـه شديد :”أليس هذا إبن يوسف” و “اصنع ههنا كل شيئ سمعنا انه جرى فى كفر ناحوم”، وتعجّب يسوع من عدم إيمانهم حتى ان الكتاب الـمقدس يذكر “غير انه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم”(مرقس5:6) وإمتلأ أهل الناصرة من الغضب “فقاموا وأخرجوه خارج الـمدينة وإقتادوه إلى قمة الجبل الذى كانت مدينتهم مبنية عليه ليطرحوه عنهـا”(لوقا28:4). وذكر هذه الواقعة بهذه التفاصيل من القديس لوقا الإنجيلي يؤكد مرة أخرى أن مريم العذراء كانت حاضرة فى مجمع الناصرة ورأت ما حدث وذكرتهـا كأحد شهود العيـان. ويـا للأم الـمسكينة فقد شهدت كل هذا وبكت من قلة الإيمان ومن غلاظة القلوب وعلى شعب لا يبغى الخلاص والتوبـة، وعلى إخوة يريدون التخلص من أخوهم وها هو سيف آخر ينغمس فى قلب الأم. وتـمر الأيام وقبل عيد الفصح فى السنة الثالثة لخدمة يسوع العلنيـة، سمعت العذراء مريـم عن إقامـة لعازر من بين الأموات وهياج رؤساء الهيكل ضده حتى أن يسوع أقام بالقرب من أورشليم. وقبل الفصح أيضاً أتى يسوع الى بيت عنيـا وأخبر تلاميذه بـما سيحدث لـه حتى يجنبهم ضعف الإيمان. وفى أحد الشعانين أراد يسوع زيارة أورشليم وإنتشر خبر مجيئه فإهتزت الـمدينة كلهـا وصرخت الجماهير “هوشعنا إبن داود” و”مبارك الآتـى بإسم الرب”، وربـما قد شهدت مريم العذراء هذا الإستقبال الرهيب لإبنهـا فهى كعادتهـا تذهب للعيد كل عام. وأمضت مريم الأيام الأخيرة مع يسوع وحضرت العشاء الأخيـر فى العليّة ورأت الإسخريوطي خارجـاً ليلاً ليتتم ما قد إتفق عليـه مع رؤساء الهيكل. وتـم القبض على يسوع فى بستان الزيتون ليلة الخميس وحوكم وأديـن ووقف شهود زور ضده وفى فجر الجمعة يأخذونـه الى بيلاطس ثم هيرودس ثم بيلاطس مرة أخرى ويُسلّم يسوع للـموت ويُطلق باراباس. وأقتيد يسوع الى الصلب وسار فى أروقة أورشليم، هذه الأروقـة التى شهدت تعاليمه وعجائبه وشهدت أيضاً هتاف الشعب “أنت ملك اسرائيل”. ومريـم الأم ترى كل هذا، ترى وليدهـا “رجل أوجاع متمرساً بالعاهات محتقر ومرذول…”(اشعيا53)، وتراه يسقط تحت الصليب، وترى نسوة أورشليم يبكين، وترى سمعان القيراونـي، وترى الـمسامير تُدق ويُعلّق حبيبهـا على الصليب، وتسمع كلماتـه السبع الأخيرة، وما يطلبـه منهـا أن تكون أمـاً للحبيب وللجنس البشري كلـه “هوذا إبنكِ”(يوحنا26:19) وبقيت معـه حتى “نكّس رأسـه وأسلم الروح”(يوحنا30:19)، ثم رافقت يوسف الرامي عندما وُضع يسوع فـى القبـر. وفى اليوم الثالث قام يسوع من بين الأموات وظهر للعديد من الشهود لـمدة أربعين يومـا، ولـم تذكر الأناجيل أي شيئ عن ظهوره لـمريم أمـه ولكن لا يُمكن إستبعاد الرأي القائل بأن يسوع إكرامـاً لأمـه قد ظهر لهـا لا ليثبت إيمانهـا بل لكي يعرفهـا بدورهـا الجديد كأم للكنيسة التى هى جسده السري. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مريـم الأم سلطانـة السموات والأرض |
أحتقر الناس |
محتقر ومخذول من الناس |
محتقر ومخزول |
محتقر |