صفح الله لكنه يؤدب عِوَض الأربعين يومًا التي تجسسوا فيها الأرض يبقون أربعين عامًا في البريّة تائهين (ع 34)، يؤدبون فيها سنة كاملة عن كل يوم! قد يتساءل أحدنا: أليس في هذا نوع من القسوة أن يؤدب الإنسان سنة عن اليوم الواحد؟
يجيب العلامة أوريجينوس على هذا السؤال قائلًا: [إن كان الإنسان يجرح بالسيف في أقل من ساعة فيتعرض لآلام كثيرة تصيب جسده وعظامه فيحتاج إلى فترة علاج طويلة، وربما تحدث له مضاعفات وتترك الجراحات آثارًا أو عاهات، أليس هذا ما يحدث أيضًا مع النفس حين يجرحها سيف الخطيئة أو كما يقول الرسول: "سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ" نارًا (أف 6: 16)!
[آه لو أمكننا أن نرى في كل خطيئة نرتكبها كيف يجرح الإنسان، وكيف تسبب الكلمات الرديئة آلامًا؟ ألم نقرأ: قيل أن السيف في جرحه أهون من اللسان! إذن باللسان تجرح النفس، وبالأفكار الشريرة والشهوات الدنسة تنكسر النفس وتتحطم بأعمال الخطيئة. لو استطعنا أن نرى الأمور كما هي ونشعر بجراحات النفس لكننا نقاوم الخطيئة حتى الموت].
ويُعلِّق العلامة أوريجينوس أيضًا عن هذا التأديب قائلًا: [يجب على كل خاطئ أن يعاني عامًا من الشقاء مقابل كل يوم من الخطيئة، فكم من السنين تقابل الأيام التي نعيشها في الخطيئة يلزم أن نمر بها في العقاب نحن الذين نخطئ كل الأيام ولا يمر علينا يوم بدون خطيئة؟].