|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التعليمات الصادرة إليهم: 17 فَأَرْسَلَهُمْ مُوسَى لِيَتَجَسَّسُوا أَرْضَ كَنْعَانَ، وَقَالَ لَهُمُ: «اصْعَدُوا مِنْ هُنَا إِلَى الْجَنُوبِ وَاطْلَعُوا إِلَى الْجَبَلِ، 18 وَانْظُرُوا الأَرْضَ، مَا هِيَ: وَالشَّعْبَ السَّاكِنَ فِيهَا، أَقَوِيٌّ هُوَ أَمْ ضَعِيفٌ؟ قَلِيلٌ أَمْ كَثِيرٌ؟ 19 وَكَيْفَ هِيَ الأَرْضُ الَّتِي هُوَ سَاكِنٌ فِيهَا، أَجَيِّدَةٌ أَمْ رَدِيئَةٌ؟ وَمَا هِيَ الْمُدُنُ الَّتِي هُوَ سَاكِنٌ فِيهَا، أَمُخَيَّمَاتٌ أَمْ حُصُونٌ؟ 20 وَكَيْفَ هِيَ الأَرْضُ، أَسَمِينَةٌ أَمْ هَزِيلَةٌ؟ أَفِيهَا شَجَرٌ أَمْ لاَ؟ وَتَشَدَّدُوا فَخُذُوا مِنْ ثَمَرِ الأَرْضِ». وَأَمَّا الأَيَّامُ فَكَانَتْ أَيَّامَ بَاكُورَاتِ الْعِنَبِ. يمكننا تلخيص التعليمات الصادرة إلى هؤلاء الرجال في كلمتين هما "اصعدوا... تشددوا" (ع 17، 20). أولًا: "اصعدوا من هنا... واطلعوا الجبل" [17]، ومن خلال الجبل ينظرون الأرض والساكنين فيها. هكذا يليق بالمعلمين لكي يشهدوا للحق أن يتذوقوه بصعودهم من هنا بقلوبهم وارتفاعهم على جبل الوصيّة الإلهيّة فتُحلِّق نفوسهم في السمويات، وتنفتح بصيرتهم الداخليّة على الأرض الجديدة وسكانها وأمجادها. بهذا يختبرون عربون الميراث الأبدي فيقدموا لرعيتهم من الخيرات التي نظروها واختبروها بأنفسهم. حقًا إن بقى الراعي مغموسًا مع رعيته في الاهتمامات الأرضيّة والمطالب اليوميّة ولم يرتفع على الجبل، كيف يقدر أن يسحب قلوب شعب الله نحو المرتفعات العالية ويقدِّم لهم الأبديات؟ لعله لهذا السبب لم يسمح الله للكهنة واللاويّين في العهد القديم أن يكون لهم نصيب مع إخوتهم في الأرض حتى يكون هو نفسه نصيبهم، فلا يرتبكون في الإداريات والماديات بل ينشغلون بالله وحده. أقول في مرارة ما أصعب على الله أن يرتبك الكهنة بالأمور الماديّة حتى وإن كانت خاصة بالكنيسة. إنه ينبغي عليهم أن يمتثلوا بالرسل الذين تركوا خدمة الموائد للشمامسة ليتفرغوا هم للصلاة وخدمة الكلمة (أع 6: 1-4). ثانيًا: "تشدَّدوا فخذوا من ثمر الأرض" [20]... لا يقف الأمر عند الصعود بل ينبغي أن يتشدد قلب المعلم بقوة واثقًا برجاء في تحقيق وعود الله، متذوقًا بنفسه عطيّة الله له، مؤمنًا بالله القادر أن يهب البشريّة هذه العطيّة. ليس شيء يحطم الخدمة مثل دخول روح اليأس في حياة المعلمين من جهة أنفسهم أو رعيتهم. فإنه يليق بنا أن نرى يدّ الله القويّة القادرة على رفع كل البشريّة نحو مواعيده المقدَّسة. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [يجب على الراعي أن يكون نبيلًا، لا يخور عزمه ولا ييأس من خلاص الضالين من القطيع، بل دائمًا يباحث نفسه قائلًا: "عسى أن يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق، فيستفيقوا من فخ إبليس" (2 تي 2: 25، 26)]. |
|