|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تقدّم الجباة والبغايا! (مت 21: 28- 32) جوهر المقطع الإنجيلي، كما نوهنا سابقًا هو قول يسوع: «إِنَّ الجُباةَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَكم إِلى مَلَكوتِ الله» (مت 21: 31). لا يمكننا فهم أهميّة هذه الجملة إلا إذا حاولنا استعادة معنى أقوى لتعبير "المضي قدمًا" الذي نجده في اللغة العربية. في الواقع، يمكن أن يعني الفعل اليوناني proago يعني أيضًا "يقود" و "يرشد" وليس فقط "يتقدم". هذا الفعل المستخدم في اللغة اليونانية، هو بشكل ملحوظ نفس الفعل الذي نجد أن متّى الإنجيلي يستخدمه عند الحديث عن النجم الذي يتقدم المجوس للوصول إلى بيت لحم الواضح في قوله: «وإِذا الَّنجْمُ الَّذي رأَوهُ في المَشرِقِ يَتَقَدَّمُهم حتَّى بَلَغَ المَكانَ الَّذي فيه الطِّفلُ فوَقفَ فَوقَه» (مت 2: 9). تمُّكن المجوس من الوصول إلى بيت لحم قد تمّ بحسب اللّاهوت المتاوي بسبب تبعيتهم للنجم الّذي يتقدمهم؛ ومن خلال هذه العلامة أتوا للسجود للملك المولود. ومع ذلك، نكتشف في مقطع إنجيل اليّوم أنّ العلامة الّتي يمكن أنّ تقودنا تساعدنا لنكون مؤمنين حقيقيين بالله. حينما نترك ذاواتنا لنعيش بمنطق ملكوته الّذي يكمن في " الجُباةَ والبَغايا" أيّ العشارين والعاهرات بتعبيرات بسيطة. فيصيرون هؤلاء المرفوضين في مجتماعاتنا وأخلاقياتنا كالنجوم الّتي تتقدمنا نحو الملكوت. بالنسبة للمجوس، فإنّ هؤلاء الممثلين عن المذنبين العامين والمستبعدين من كل زمان ومكان وثقافة أشار إليهم يسوع كعلامة موضوعة أمام أعين المؤمن حتى لا ينسى أين باب الملكوت الإلهيّ الّذي يحافظ حقيقة على مفاتيح الملكوت الّتي تؤهلنا لدخوله. من المؤكد أن يسوع لا يقلل من شأن مأساة الحالة الإنسانية والاجتماعية والدينية التي يجدون أنفسهم في حالة الإذلال والتهميش والعبودية. يشير إلى هذه الفئات من الناس في عصره "كمتقدمين" أي مرشدين وقادة لأنهم يصيروا علامات حاضرة بشكل دائم. وفي ذات الوقت يصيرون حجر عثرة، بالنسبة للمؤمن لتذكيره بمجانيّة النعمة الّتي تميلّ إلى الاعتقاد بأنه اكتسبها بقوته الخاصة و قد له من القدرة على إمتلاكها وفي هذا إعتقاد خاطئ. في عصرنا الحادي والعشرون، يكشف لنا العشارون والعاهرات مَن هم الفقراء، البائسيين، الودعاء، الجائعين والعطشى للعدالة، الرحماء، الطاهرين القلب، صانعي السلام، المضطهدين ... إلخ (راج مت 5: 3-11) في العظة الأوّلى الّتي من على الجبل التطويبات دعاهم يسوع "طوباويين". فهم المباركي ، لإنهم "متقدمينا"، و"قادتنا"، و"مرشدينا" نحو الملكوت. ليس لأنّ أسلوب حياتهم صالح وطيب، ولكن لأنهم مقارنة برفض الابن بقوله "لا" الحالي، يمكنهم إنقاذ الإنسان الّذي يقع في فخ الإيمان المزيف، والإنسانة الّتي تقع في إعتقادها بالحياة الحقة لأنهم أعلنوا كلمة أوّلية بقولهم السطحي "نعم". وهذا ما يشير إليه الإنجيلي مباشرة بقوله في حوار الاب مع ابنه: «"ها إِنِّي ذاهبٌ يا سيِّد!" ولكنَّه لم يَذهَبْ» (مت 21: 29-30). ذلك الإنكار الفعلي للإنجيل يخفي البشارة بيسوع كرّبّ في مجتمعاتهم. |
|