|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"هل أنا صورة الله حقًا؟" بين كاتبي نبؤة اشعيا والإنجيل الأوّل مُقدّمة القراء الأفاضل، تتجدد حياتنا بفضل نور الكلمة الإلهيّة، ففي هذا المقال نقرأ من العهد الأوّل كلمات اشعيا النبي (45: 1- 6) والّتي تترك صداها في زمننا المعاصر إذ يكشف لنا النص عن شخصية غريبة وهي كورش، الملك البابلي الّذي دعاه الله كمسيا له موكلاً إياه برسالة. على هذا المنوال نقرأ بالعهد الثاني نص بحسب إنجيل متّى (22: 15-21) والّذي يتوازى مع كلمات النبي في ذات الهدف وهو بمثابة تجربة أو فخ موجه ليسوع المدعو لاتخاذ موقف بشأن قضية يمكننا القول بأنها قضية ساخنة بالنسبة لعصره. لانزال نتابع في سلسلتنا وعلى مدار المقال الرابع ذات السيّاق السائد بالفعل بين الجدل والخلاف للفريسييّن وعظماء الكهنة. لقد توقفنا أمام الثلاث أمثال، بالمقالات الثالاث السابقة، والّذين تمحوروا حول رفض الملكوت. فجاء تَّدخُل يسوع بتعليمه بالأمثال الّتي رواها سابقًا. والآن من جديد، يتقدم الفريسيين بتسأول جديد يسوع ليضعوه في مأزق بين السلطة السياسيّة والدينيّة، ليمسكوا عليه أيّ علّة ليتمكنوا من إتهّامه والحكم عليه. لذا عنوان مقالنا "هل أحمل صورة الله" أم أشوهها أم أستعيدها يومًا بعد يّوم؟ سنتعرف على الإجابات في مقال هذا الأسبوع. السيادة المطلقة (اش 45: 1-6) قد نعتبر نص أشعيا (45: 1- 6) في قرأتنا للوهلة الأوّلى نصًا غريبًا إلى حد ما. والسبب هو أنّ الملك الوثني وهو كورش، يُصوَّر بكلمات النبي كمسيح أيّ مسيّا مُرسل مِن قِبل الرّبّ إله بني إسرائيل، بل وكمبعوث له. ولذا يفتتح النبي هذا النص بتوجيه الرّبّ بجلالته، في هذا الحوار، إلى كورش قائلاً: «هكذا قالَ الرَّبّ لِمَسيحِه» (اش 45: 1) كورش هو الرجل الّذي لا يعرف إله إسرائيل ولم ينتمي لإله بني إسرائيل في الإيمان، إلّا إنّه يجد بأنّ في يديه أداة للخلاص لشعبه. ثم يسرد النبي كلمة الرّبّ للنبي على شخص كورش الّذي اختاره لسببين لييعرف إله بني إسرائيل الّذي يجهله وفي ذات الوقت ليحرر شعبه من السبي البابلي قائلاً: «أنا الَّذي أَخَذتُ بِيَمينِه لِأُخضِعَ الأُمَمَ بَينَ يَدَيه [...] إِنِّي أَسيرُ أمامك [...] وأُعْطيكَ كُنوزَ الظُّلمَةِ ودَفائِنَ المَخابِئ لِتَعلَمَ أَنِّي أَنا الرَّبُّ الَّذي دَعاكَ بِاسمِكَ، إِلهُ إِسْرائيل. لِأَجلِ عَبْدي يَعْقوب وإِسْرائيلَ مُخْتاري دَعَوتُكَ بِاسمِكَ ولَقَّبتُكَ وأَنتَ لم تَعرِفنْي» (اش 45: 1- 4). ومع ذلك، فقد استدعاه ومنحه رسالة ودور هامين في التاريخ المقدس لشعبه. يؤكد الرّبّ بدعوته تلك بأنّ هويته الأساسية كرّبّ وإله ليس فقط لبني إسرائيل بل إله كل الشعوب وسيادته تسود على شعوب بخلاف شعبه وسلطات سياسية بخلاف الدينيّة. لذا كرّر النبي مرتين في رسالته سيّادة لرّبّ بهذا المقطع: «إنَّه لَيسَ غَيري أَنا الرَّبّ ولَيسَ مِن رَبٍّ، آخَر» (45: 5، 6). من هذا المنطلق، لا يريد كاتب النبؤة أنّ يكون هناك حق لكل ما هو بحسب الشريعة ويطغي على كلّ السلطات السياسية كسياسة مُستمدة من الله. بل يؤكد النص بشكل رسمي بأنّ سيادة الله على تاريخ البشرية وحريته هي مطلقة الحدود. بهذا المعنى، يصبح هذا المقطع مفتاحًا ثمينًا لقراءة مقالنا هذا. |
|