|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تغطية المقدَّسات الإلهيّة: أ. إذ تُشير هذه المقدَّسات إلى المؤمنين، فإنه تبقى هذه المقدَّسات مكشوفة داخل الأقداس، لكنها متى حُملت يلزم أن تُغطى. وكأنه يليق بالمؤمنين أن يعيشوا في حياة سرّية، تنفتح قلوبهم على الله، يعيشون مع الله بوجهٍ مكشوف، يتحدثون معه في دالة وصداقة بلا عائق، أما أمام الناس فلا يكشفون أسرار حياتهم الخفيّة. هذا ما أكده السيد المسيح بقوله [احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم وإلاَّ فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات... أما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك واغلق بابك وصلِ إلى أبيك الذي في الخفاء، فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية] (مت 6: 1، 7). إنه لا يمنع العبادة الجماعيّة، إنما يرفض أن تكون غايتها الظهور والمجد الباطل، إذ يقول "لكي ينظروكم" (مت 6: 1).. والكنيسة الأولى كانت تشترك في العبادة العامة في الهيكل يوميًا (أع 1: 14) في المزامير والتسابيح والطلبات بجانب الاشتراك في سرّ الإفخارستيا في الكنائس (أع 2: 46). لكن يليق بالمؤمن حتى في عبادته الجماعيّة أن يدخل في علاقة خفيّة مع الله لا يشعر بها حتى الواقفون بجواره. يقول القديس أغسطينوس: [احترزوا من السلوك بالبرّ لأجل هذا الهدف، فتتركز سعادتكم في نظرة الناس إليكم]. وللأب إسحق تلميذ القدِّيس أنطونيوس تعليق جميل على الصلاة الخفيّة، إذ يقول: [نصلي بأبواب مغلقة، عندما نصلي بشفاه مغلقة في هدوء وصمت كامل لذاك الذي يطلب القلوب لا الكلمات. ونصلي في الخفاء عندما نكتم طلباتنا الصادرة من قلوبنا وأذهاننا المتقدة حيث لا نكشفها إلاَّ لله وحده، فلا تستطيع القوات المضادة (الشياطين) أن تكتشفها. لذلك يجب أن نصلي في صمت كامل، لا لنتحاشى فقط التشويش على إخوتنا المجاورين لنا... وإنما لكيما نخفي مغزى طلباتنا عن أعدائنا الذن يراقبوننا وبالأخص في وقت الصلاة، وبهذا تتم الوصيّة: احفظ أبواب فمك عن المضطجعة في حضنك]. ب. حذَّر الله اللاويّين من غير الكهنة من لمس هذه المقدَّسات أو رؤيتها، فإن الله لا يريد أن يعرف أحد قدسيّة علاقتنا معه سوى كهنته الذين يسندوننا بإرشاداتهم وصلواتهم. ج. يرى العلامة أوريجينوس في تغطية المقدَّسات بيد الكهنة قبل أن يحملها بنو قهات رمزًا لعمل الكاهن الذي يعرف أسرار حكمة الله ويفهمها لكنه لا يقدمها للضعفاء كما هي لئلا يهلكوا(29)، إنما يقدمها لهم قدر احتمالهم. د. يرى العلامة أوريجينوس أيضًا في هذا الأمر صورة لما كان عليه رجال العهد القديم الذين حملوا المقدَّسات الإلهيّة على أكتافهم، لكنها مغطاة ومحتجبة خلال الظلال والرموز، أما أبناء هرون الحقيقيّون أي رجال العهد الجديد فقد اكتشفوا الحقيقة وعرفوا أسرارها فعرفوا الفصح الحقيقي والسبت الحقيقي والختان الحقيقي(30)... في هذا يقول إشعياء النبي: "يُفْنِي فِي هذَا الْجَبَلِ وَجْهَ النِّقَابِ" (إش 25: 7). ه. حملت الأغطية معانٍ جميلة نذكر على سبيل المثال تابوت العهد الذي يوضع عليه غطاء من جلد تُخس يبسطون فوقه ثوبًا كله أسمانجوني (ع 6). إذ يرمز تابوت العهد للسيد المسيح المصلوب. لهذا إن ظهر في الضعف مخفيًا وراء الجلد، لكنه في حقيقته كله سماوي (أسمانجوني). ظهر بالضعف وهو القوي! أما مائدة الوجوه فهي ترمز لربنا يسوع خبز الحياة المُقدَّم للبشريّة، يبسطون عليه ثوبًا أسمانجونيًا (سماويًا) ثم ثوبًا قرمزيًا (علامة الدم) فغطاء من جلد التخس، وكأن السيد هو الخبز السماوي النازل إلينا، يقدم ذاته مكسورًا لأجلنا (القرمزي)، مخفيًا عن الأعين البشريّة فنراه خبزًا ضعيفًا (جلد التخس). لا أريد أن أكرر الحديث فيما يخص المنارة الذهبيّة والمذبح الذهبي، فإن كلٍ منهما يُغطى بثوبٍ أسماجوني عليه غطاء من جلد التخس. أما المذبح النحاسي فهو وحده الذي يُغطى بثوبٍ من الأرجوان الذي هو لباس الملوك، ثم يبسطون عليه غطاء من جلد التخس. فإن كان المذبح النُحاسي يشير إلى ذبيحة الصليب، فهو العرش الملوكي الذي خلاله يملك الرب على قلوب مؤمنيه. أخيرًا لم يُشِر الكتاب إلى غطاء للمرحضة وهي تشير للمعموديّة، لكي يراها الكل فتسرع إليها البشريّة كلها! |
|