|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الزيارة “فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ»(لوقا39:1-55). بعد ان مضى الملاك جبرائيل بعد سماعه قبول مريم العذراء، جلست مريم تتأمـل وحدها فى هذا السر العظيم. ذهبت مريم “مسرعة” الي منطقة يهوذا الجبلية لتجلب الفرح لنسيبتها اليصابات الحبلى بيوحنا المعمدان وان تشارك معها كل ما يحققه الله في اسرائيل وفي حياتها. ان من استقبلت رسالة الملاك عن مجيئ المسيّا اصبحت الآن اول مبشرة بشرية للأخبار السارة. ولذهاب مريم لنسيبتها عدة اسباب: اولا عادة شرقيـة، وثانيـا واجب تلزمـه أمومتهـا للـمخلّص العجيب، وثالثـا دفعهـا الروح القدس لأن تذهب حتى يتقدس إبن زكريـا بسلامهـا وهو فى بطن أمـه كما تنبأ الـملاك “ومن بطن أمـه يمتلئ من الروح القدس” (لوقا15:1). مدينة يهوذا – بحسب رأى الكثيرين من العلماء هـى حبرون (20 كيلومتر جنوب اورشليم)، وبعضهم يذهب الى ان هذه الـمدينة هى عين كارم (غرب أورشليم بحوالى 8 كيلومترات). وهذا يعنى شيئاً واحداً أن هذه الـمدينة يصعب الوصول اليهـا وطرقهـا جبليـة وتبعد عن الناصرة مسافة سفر تصل الى حوالـى اربعة أيام. كيفية الذهاب – اعتقد البعض ان مريم قطعت هذا الطريق مع يوسف، ولكن هذا الإعتقاد خاطئ لأنـه لم يكن بكل تأكيد فى بيت زكريـا ليعلم بالحديث الذى دار بين اليصابات ومريم، وبالتالي يعرف السر الإلهـي، ولكن الأكيد هو انـه قد عرف بهذه الزيارة لأنـه كان خطيبهـا وانـها ستتغيب عنه فترة. اليصابات – وهي الصبغة اليونانية للاسم العبري ” اليشابع ” الذي معناه ” الله قد أقسم”، واليصابات هي زوجة زكريا الكاهن وقد كانت عاقرا ومتقدمة في الأيام مع زوجها، ولكن الرب أعطاها ابنا هو يوحنا المعمدان، وكانت من سبط لاوي إلا أنها كانت نسيبة للعذراء مريم، وعندما بشر الملاك جبرائيل العذراء مريم، كانت اليصابات حبلى في شهرها السادس. معنى العلامة – في نهاية منظر البشارة اعطى الملاك جبرائيل لمريم علامة حتى ولو ان مريم لم تطلب اية علامة، لقد أعلمها ان نسيبتها العجوز والعاقر هي حبلى بطريقة اعجازية. لم تكن تعلم مريم عن ذلك الحدث لأن اليصابات كانت تخفي نفسها لمدة تصل لخمسة أشهر”وَأَخْفَتْ نَفْسَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ” و “وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ” (لوقا24:1و26). ان تلك العلامة تعني التأكيد لمريم بأن الله الذي حقق لتلك المدعوة عاقرا من ان تكون أما وان ما يمكن ان يكون مستحيلا في عين البشر هو مستطاع عند الله فهو يستطيع ان يصنع عملاً عظيما في حياة مريم جاعلا لها ان تحبل حتى ولو لم تكن تعرف رجلا. لقد شرح لها الملاك جبرائيل قائلا:” لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ»(لوقا37:1). بعد ان سمعت مريم تلك الأخبار “فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا(لوقا39:1). ان تلك الرحلة ليست نزهة نهاية الأسبوع فوعورة اكثر من 80 ميل من الناصرة الي جبال يهوذا والتي يمكن ان تأخذ حوالي 3-4 أيام بالأقدام وعادة مثل تلك الرحلة تكون مصحوبة بمسافرين آخرين. ترى ماذا كان غرض زيارة مريم؟ في الحقيقة عندما عرض القديس لوقا في انجيله ذلك الحدث فلقد استخدم ثلاث كلمات صغيرة في بداية جملته والتي تشير ان مريم لم تتحرك نحو إجازة بسيطة لرؤية قريبتها. ان مريم رحلت الي جبال يهوذا وهي ليست فقط رحلة على الأقدام ولكنها تعني في الحقيقة رحلة روحية. أولا -فالقديس لوقا اعلمنا ان مريم “قامت” وذهبت لزيارة اليصابات والكلمة اليونانية لكلمة “قامت” arose هي anesteimi والتي تعني اكثر من “نهضت او قامت”، فهي استعملت مجازيا هنا لتصف بداية الي فعل او عمل جديد. في مكان آخر في انجيل لوقا الكلمة تصف أفعال تتضمن جهد روحي عظيم. ففي مثال الإبن الضال “قام” وعاد الي ابيه الذي رحب به بفرح وابتهاج عظيم (لوقا18:15و20)، وبالمثل لاوي جابي الضرائب عند دعوة يسوع له ترك كل شيئ و “قام-rose-anastasa” وتبع يسوع (لوقا27:5-28). وهكذا مريم أيضا بعد ان سمعت من الملاك دعوة الله لها ومن حياتها “قامت” وبدأت رحلتها لزيارة اليصابات. كما في مثل الإبن الضال ودعوة لاوي العشّار تحركت مريم نحو رحلة جديدة مع الرب حيث استلمت مهمتها الجديدة كأم للمسيّا. ثانيا- قامت مريم وذهبت الي ارض جبال يهوذا وهنا استخدم لوقا كلمة رئيسية غنية في معناها اللاهوتي في سرده للحدث، فالكلمة اليونانية ل “ذهبت”-poreuomai” في ذاتها تعني “تذهب او تمشي” ولقد استخدمها لوقا في أماكن أخرى لتصف رحلة لغرض إلهي والأكثر ملاحظة هي رحلة المسيح من الجليل الي اليهودية حيث رسالته المسيانية قد اكتملت (لوقا51:9و 22:13). |
|