منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 05 - 04 - 2024, 10:21 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,265,405

بولس الرسول والعماد موت وقيامة




العماد موت وقيامة

كيف كان يتمُّ العماد في الاحتفال الليتورجيّ؟ ينزل طالب المعموديَّة بسلِّم تحت الأرض، يخلع ثيابه، ينزل في الماء وكأنَّه يروح في الموت، لأنَّ المياه مدمِّرة قبل أن تكون محيية. بعد ذلك، يخرج من الماء وكأنَّه نال حياة جديدة فيلبس ثوبًا أبيض علامة القيامة والانتصار على الموت. وفي معنى ثانٍ، علامة الطهارة والنقاوة التي نالها هذا المؤمن الجديد، لا بالماء فقط، بل وأيضًا بالكلمة الخلاّقة (أف 5: 26).

تلك هي انطلاقة اللاهوت العماديّ عند القدّيس بولس: الليتورجيّا التي بها يعبِّر الإنسان عن علاقته الدينيَّة بالله. كان الاغتسال في العالم القديم عمل استعداد للدخول إلى »الهيكل« من أجل العبادة. فأعطيَ معنى جديدًا، وكذلك ممارسة العماد في الكنيسة الأولى جعلت الرسول يتطلَّع إلى المعموديَّة على أنَّها موت وقيامة مع المسيح.

إذا كانت الرسالة الأولى إلى كورنتوس شدَّدت على الاغتسال(16)، فالرسالة إلى رومة تُبرز المعموديَّة في إطار لاهوتيّ يجعلها في قلب سرِّ الخلاص على الصليب. قال الرسول: »ألا تعلمون أنَّنا حين تعمَّدنا لنتَّحد بالمسيح يسوع تعمَّدنا لنموت معه، فدُفنّا معه في المعموديَّة وشاركناه في موته، حتّى كما أقامه الآب بقدرته المجيدة من بين الأموات، نسلك نحن أيضًا في حياة جديدة. فإذا كنّا اتَّحدنا به في موتٍ يشبه موته، فكذلك نتَّحد به في قيامته« (رو 6: 3-5).

ماذا كان الموت في العالم القديم؟ نهاية الحياة. في العالم العبريّ ينال الإنسان جزاء أعماله في هذه الدنيا من مال وفير وأبناء عديدين وعمر طويل ينعم فيه »البارّ« بالصحَّة والعافية. وسوف ننتظر القرن الثاني ق.م. ليقول لنا دانيال: »الكثير من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون...« (دا 12: 2). وفي العالم اليونانيّ، يُغلَق القبر على باب الموتى ويلبثون هناك ولا يخرجون، فيصيرون في أفضل الحالات مثل أشباح. ولهذا تساءل أهل كورنتوس: »كيف يقوم الموتى وفي أيِّ جسد يعودون؟« (1 كو 15: 35). فشرح لهم بولس أنَّ ما يزرعونه لا يحيا إلاَّ إذا مات (آ36).

والقيامة؟ المسيح قام ونحن نقوم معه. بدأ الرسول فأعلن قيامة الربّ: »الحقيقة هي أنَّ المسيح قام من بين الأموات وهو بكر من قام من رقاد الموت« (آ20). هو فعل إيمان يستند إلى شهادة الذين ظهر لهم.

ونعود هنا إلى النصِّ الذي أوردناه من الرسالة إلى رومة. نحن تعمَّدنا لكي نتَّحد بيسوع فيصبح موتُه موتَنا وقيامتُه قيامتَنا وحياتُه حياتَنا. البداية هي الموت، ثمَّ الدفن. ذاك ما حصل ليسوع، كما ورد في أوَّل قانون إيمان: »المسيح مات من أجل خطايانا، كما جاء في الكتب، ودُفن وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب« (1 كو 15: 3-4). وما عاشه يسوع في الحقيقة نعيشه نحن في السرّ، في الرمز، إلى أن يصبح بالنسبة إلينا حقيقة وواقعًا. نحن نموت حين »تنتهي« حياتنا، هذا ما يُرى. أمّا القيامة مع الربّ فهي لا تُرى. وهكذا تكون قيامتُنا دخولَنا إلى حضرة الآب من أجل حياة لا تنتهي.

وكيف نموت نحن؟ أوَّلاً نواصل المشاركة في آلام المسيح حتّى نهاية العالم (كو 1: 24). وفي العمل الرسوليّ نرافق بولس الذي عرف الخطر طوال حياته الرسوليَّة. ونورد ما يقول الكتاب: »من أجلك نعاني الموت طوال النهار ونُحسَب كغنم للذبح« (رو 8: 36؛ مز 44: 23).

أمّا الموت الأساسيّ، فهو ذاك الذي نترك فيه الحياة العتيقة بشهواتها ونأخذ بالحياة الجديدة. فنحن لا ندمِّر الجسد لأنَّه مخلوق للقيامة. فالجسد هو للربّ والربُّ هو للجسد (1 كو 6: 13). فإن كان الجسد هو للموت، فالأمر ليس كذلك في عالم الإيمان. »وإذا كان روح الله الذي أقام يسوع من بين الأموات يسكن فيكم، فالذي أقام يسوع المسيح من بين الأموات يُحيي أجسادكم المائتة بروحه الذي يسكن فيكم« (رو 8: 11). ذاك ما قال الرسول لأهل رومة بعد أن أفهمهم أنَّه إن كان الجسد يموت فذلك بسبب الخطيئة. ولكنَّه موت عابر، لأنَّ الروح يعيد إليه الحياة بعد أن ننال التبرير (آ10).

في هذا الإطار، كان كلام إلى الكورنثيّين مع صورتين متداخلتين: الأولى الخيمة والبيت. وما يجمع الصورتين هو المسكن οικιαν. لنا مسكن على الأرض، επιγειος هو مجرَّد خيمة σκηνους يمكن أن تقتلعها الرياح في أيِّ وقت. فالموت يفاجئنا مثل لصٍّ كما قال الربّ (مت 24: 43؛ لو 12: 39)، وتبعه الرسول في كلامه إلى التسالونيكيّين (1 تس 5: 2: كلصٍّ في الليل). ولنا مسكن آخر οικοδομνη. الله عمِلَه، ومرجعه اللهεκ θεου. هو بيت أبديّ في السماوات »غير مصنوع بالأيدي« (2 كو 5: 1).

والصورة الثانية هي اللباس والعري. فاللباس يعطي الإنسان هويَّته، والعري يجعله بلا هويَّة. فكأنَّه غير موجود. من هنا العري بالموت يجب أن يتبعه حالاً اللباس بالحياة. وما نلاحظ هو أنَّنا »نلبس« البيت، وننتقل من لباس إلى لباس، كما ينتقل الإنسان من بيت إلى بيت. »فمتى لبسنا البيت السماويّ لا نكون عراة« (آ3).

ماذا ينتظر المؤمن؟ أن يلبس البيت السماويّ، أن يكون له الجسد الممجَّد. وما الذي يتبعه؟ هذا الجسد الذي يمكن أن يتعرَّى في كلِّ وقت، يرتاحُ »حين يلبس فوق الجسد الأرضيّ الجسد السماويّ حتّى تبتلع الحياةُ ما هو زائل فينا« (آ4). هذا يعني أنَّ المؤمن يرغب في الموت ويشتهيه. ولهذا قال الرسول: »أرغب في أن أترك هذه الحياة لأكون مع المسيح« (فل 1: 23). فالموت هو المحطَّة الحاسمة قبل القيامة. ويتواصل الكلام: »ما دُمنا مقيمين في هذا الجسد، فنحن مغتربون عن الرب« (آ6)، لهذا نفضِّل أن نغترب عن هذا الجسد لنقيم مع الرب« (آ7).

إذا كان الجسد لا يفنى لأنَّه للقيامة، فما الذي يجب أن يفنى فينا؟ ما يرتبط باللحم والدم، بالعنصر البشريّ الضعيف. هنا فرق شاسع بين σωμα و σαρζ اللذين يترجمان في العربيَّة بلفظ واحد الجسد. فمتى نميِّز بين الاثنين كما فعلت اللغة الفرنسيَّة مثلاً. هناك le corps :σωμα. ثمَّ la chair: σαρζ لا يمكن المزج بينهما. وكانت اقتراحات بأن نترجم σαρζ: البدن أو العنصر البشريّ... ولكن لا لفظ فرض نفسه حتّى الآن.

في إطار الكلام عن الشريعة التي تحرَّر منها المسيح، حدَّثنا الرسول عن هذا »البدن« الذي يجب أن يموت. »حين كنّا في »اللحم (والدم)« σαρζ، كانت الأهواء الخاطئة التي أثارتها الشريعة تعمل في أعضائنا لتُثمر للموت. ولكنَّا الآن تحرَّرنا من الشريعة لأنَّنا متنا عمّا كان يقيِّدنا، حتّى نعبد الله في النظام الجديد، نظام الروح، لا له النظام القديم، نظام الحرف« (رو 7: 5-6). أجل، يجب أن يموت البدن σαρζ بأعماله الضعيفة ليحيا الروح πνευμα. فبسببه لا يعمل المؤمن ما يريد، بل ما لا يريد. السبب: الخطيئة تسكن فيَّ (آ17). عندئذٍ يهتف الرسول: »من ينجِّيني من جسد الموت هذا!« (آ24).

ويتقابل »البدن« مع الروح. لا الجسد مع الروح بحيث نكون في أكبر هرطقة. فالجسد هو الإنسان في اتِّصاله بالعالم الخارجيّ. والروح هو الإنسان في حياته الحميمة مع الربّ، التي لا يراها أحد. أمّا النفس فتدلُّ على »الأنا« في شخصيَّتي، ولا تقابل الجسد في أيِّ حال، وإلاَّ نكون في الفلسفة اليونانيَّة حيث الجسد هو وعاء موقَّت للنفس التي تستطيع أن تنتقل من جسد إلى جسد. يا ليتنا نقرأ هنا أفرام السريانيّ فيصحِّح الكثير من أخطائنا في هذه الأيّام(17).

قال الرسول إلى أهل رومة: »أرسل الله ابنه في شبه بشريَّة σαρκος الخطيئة αμαρτιας، فحكم على الخطيئة في بشريَّتنا (رو 8: 3). وتحدَّث عن المؤمنين الذين يسلكون سبيل الروح لا سبيل اللحم والدم (آ4). »فالذين يسلكون السلوك البشريّ (البدن) يهتمُّون بأمور البدن، والذين يسلكون سبيل الروح يهتمُّون بأمور الروح. فالاهتمام بالبدن (اللحم والدم) موت، وأمّا الاهتمام بالروح فحياة وسلام. لأنَّ الاهتمام بالبدن تمرُّد على الله...« (آ5-6). »والذين يسلكون السلوك البشريّ لا يمكنهم أن يرضوا الله« (آ8). فيبقى على المؤمنين أن يعرفوا أنَّهم لا يخضعون للبدن، للحم والدم، بل يخضعون للروح، »لأنَّ روح الله يسكن فيهم« (آ9).

ماذا يموت فينا؟ الأغصان اليابسة. أو العضو الذي يحمل الضرر إلى الكنيسة. ويدعونا الرسول: »أميتوا إذًا أعضاءكم الأرضيَّة، أميتوا ما هو أرضيّ فيكم كالزنى والفسق والهوى والشهوة الرديئة والفجور« (كو 3: 5). أميتوا. ثمَّ »تخلَّصوا من كلِّ ما فيه غضب ونقمة وخبث وشتيمة« (آ8). تعمَّدتم »فخلعتم الإنسان القديم وكلَّ أعماله، ولبستم الإنسان الجديد الذي يتجدَّد في المعرفة على صورة خالقه« (آ9-10).

بدأنا في إطار حفلة العماد كما كانوا يحتفلون بها في الكنيسة الأولى مع دور كبير للشمّاس والشمّاسة، وها نحن ننتهي باللباس الذي يخلعه المؤمن ليلبس ثوبًا جديدًا، هو أبعد من لباس خارجيّ نلبسه ونخلعه. إنَّه لباس الحياة المسيحيَّة: »أنتم الذين اعتمدتم بالمسيح لبستم المسيح« (غل 3: 27).

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
المعمودية هي موت مع المسيح وقيامة معه. كما يؤكد بولس الرسول
بولس من رسالة بولس الرسول الي عبرانيين (11 : 17 - 31) يوم الثلاثاء
ظهور الرب لبطرس الرسول كما اكَّد بولس الرسول
ذكصولوجية القديسين بطرس الرسول و بولس الرسول - قبطي
البولس بولس، فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى كورنثوس (14 : 12 - 17) يوم الجمعة


الساعة الآن 03:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024