منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 04 - 04 - 2024, 03:18 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

يبيِّن بولس الرسول اهتمامه بكنيسته اهتمام الأمِّ بأولادها



أطيعوا مدبِّريكم

بهذه الكلمات كانت نهاية الرسالة البولسيَّة إلى العبرانيّين، إلى هؤلاء المسيحيّين العائشين في رومة والمتحسِّرين على دمار الهيكل وغياب الكهنة وأبَّهة الاحتفالات الليتورجيَّة. الاضطهاد يلاحقهم كما يلاحق إخوتهم. وكما لاحق آباء العهد القديم. فماذا يفعلون في هذه الظروف الصعبة؟ الطاعة لمدبِّريهم اليوم كما كانت الطاعة لبطرس وبولس اللذين أنهيا حياتهما. والقبول بهذا الوضع الذي قد يقودنا إلى الصليب على مثال الربِّ يسوع الذي صار طائعًا حتّى الموت والموت على الصليب. والطاعة في الكنيسة تدعو العيال المسيحيَّة إلى الطاعة اليوميَّة التي تعلِّمنا كيف نتوافق بعضنا مع بعض من أجل حياة فيها الفرح والسلام والأمانة والوداعة.

الطاعة الكاملة

صعوبات كثيرة في كنيسة كورنتوس، تلك الجماعات التي أحبَّها بولس وما أراد أن يتساوى فيها مع المعلِّمين المدبِّرين. قال لهم: »فلو كان لكم في المسيح ربوة من المرشدين، فما لكم آباء كثيرون، لأنّي أنا الذي ولدكم في المسيح يسوع بالبشارة التي حملتها إليكم« (2 كو 4: 15)

ذاك هو أساس الطاعة الكاملة في المسيحيَّة: الأبوَّة الروحيَّة وهي أعمق من الأبوَّة الجسديَّة بأشواط. فالأبوَّة بحسب الجسد يمكن أن تكون عرضيَّة، بشريَّة محضة وكأنّ الوالد ما كان ينتظر ولدًا. أمّا الأبوَّة الروحيَّة فلا تتمُّ بسرعة بل هي ثمرة عمل طويل. ونلاحظ أنَّ القدّيس بولس لم يتحدَّث عن المعموديَّة، بل عن البشارة، عن الإنجيل. يروي لنا سفر الأعمال أنَّ الرسول لبث سنة وستَّة أشهر في كورنتوس »يعلِّم الناس كلام الله« (أع 18: 11). عارضه اليهود، شتموه (آ6) وكاد يترك المدينة، لكنَّ الربَّ قال له »ليلاً في رؤيا: لا تخف! بل تكلَّمْ ولا تسكت، فأنا معك، ولن يؤذيك أحد، فلي شعب كبير في هذه المدينة« (آ9-10).

الأبوَّة الروحيَّة تشبه الأمومة. فالأمُّ تحبل بأولادها تسعة أشهر، ويوم الولادة تتألَّم ولكنَّها تنسى ألمها لأنَّه وُلد إنسان في العالم (يو 16: 21). أخذ بولس هذه الصورة وطبَّقها على نفسه بالنسبة إلى أهل غلاطية، وكان من الممكن أن يطبِّقها على أهل كورنتوس: »فيا أبنائي الذين أتوجَّع بهم مرَّة أخرى في مثل وجع الولادة حتّى تتكوَّن فيهم صورة المسيح« (غل 4: 19). هل نسيتم »أمَّكم«؟ هل نسيتم أباكم؟ لماذا تذهبون إلى »معلِّمين« آخرين وتتنكَّرون لمن ولدكم؟ وعاتب الرسول أهل غلاطية الذين تحوَّلوا عن »أبيهم في المسيح«. قال: »كم كنت أتمنّى لو كنتُ عندكم الآن لأغيِّر لهجتي، لأنّي تحيَّرتُ في أمركم« (آ20). فالانتقال من معلِّم إلى معلِّم يريح المؤمن، فلا يُجبَر على المسيرة في طريق واحدة توصل إلى المسيح. هكذا كانت الجماعة في كورنتوس حين تبع المؤمنون هذا الإنسان أو ذاك. أبلُّوس خطيب »مصقع« ونحن نتبعه وننسى في النهاية أنَّنا نتبع المسيح. بولس رسول الحرِّيَّة، نسير وراءه »بحرِّيَّة« هي في الحقيقة فلتان، لا حرِّيَّة في المسيح. ونتبع بطرس لمِا في رفقته من منفعة: هو يمثِّل أهل الختان وبالتالي اليهود الذين اعترفت بهم الدولة الرومانيَّة، فنجوا من الاضطهاد. والأمر لا يختلف كثيرًا في وقتنا حين نطيع هذا الرئيس أو ذاك. حين نتبع هذا الكاهن أو ذاك. فصاح فيهم الرسول: هل اعتمدتم باسمي أم باسم يسوع المسيح؟ هل أنا الذي صُلبتُ من أجلكم أم المسيح؟

لهذا قال بولس: »في المسيح«. هو وحده الهدف الذي تصبو إليه حياتنا. فالتوقُّف عند الأشخاص البشريّين يجعلنا في »عبادة« الأوثان. عبد الأقدمون الشمس وتوقَّفوا عندها، فما وصلوا إلى خالق الشمس. صارت الشمس صنمًا. قال لهم سفر الحكمة: إذا كانت جميلة، فانظروا كم ربُّنا أجمل منها (حك 13: 3). وكذا حدَّثنا عن النجوم والنار والهواء والريح، قال: »هم عندما ظنُّوا أنَّ هذه آلهة فلأنَّهم فُتنوا بجمالها غير عالمين أنَّ لها سيِّدًا أعظم منها هو الذي خلقها وهو مصدر كلِّ ما فيها من جمال«. ونحن نؤلِّه البشر ونعتبر خلاصنا بيدهم. وسعادتنا أن نلتصق بهم. وفي النهاية، يحسبون نفوسهم آلهة. فقال لهم سفر المزامير: »لا إله غير الربّ، ولا خالق سوى إلهنا« (مز 18: 32). وفي المزامير أيضًا حسب الحكّام أو القضاةُ أنفسهم »آلهة« (مز 58: 2: إ ل م في العبريَّة)، فقيل لهم: »مثل البشر تموتون ومثل أيِّ عظيم تسقطون« (مز 82: 7).

فالطاعة لا تتوجَّه أوَّلاً إلى الإنسان، بل إلى الله، وفي قلب الله يُعرَف المعنى الحقيقيّ للطاعة. لهذا حين حدَّث الرسول المؤمنين على الاقتداء به، لم يجعل نفسه الهدف الأخير، فقال: »اقتدوا بي كما أنا أقتدي بالمسيح«. فالاقتداء بالمسيح هو الذي يسمح لبولس أن يدعو المؤمنين إلى الاقتداء به. وكذا نقول عن الطاعة التي هي في الأساس »طاعة الإيمان« (رو 1: 5).

هنا تأتي صورة رائعة في الرسالة الثانية إلى كورنتوس: بولس هو ذلك الذي يأخذ العروس إلى عريسها، يأخذ جماعة كورنتوس إلى المسيح. قال: »أغار عليكم غيرة الله لأنّي خطبتُكم لرجل واحد هو المسيح، لأقدِّمكم إليه عذراء طاهرة« (2 كو 11: 2). الطاهرة تعارض النجسة، الزانية، التي تنظر إلى الأوثان لا إلى الربّ. هي خائنة. هي مثل عجلة شموس لا ترضى أن تكون تحت النير، أن تخضع (إر 31: 18)، هكذا بدت جماعة كورنتوس: تركت الصدق والولاء للمسيح (2 كو 11: 3). وكيف بدا ذلك؟ حين رفضت الطاعة لرسولها وفضَّلت عليه أناسًا حسبوا نفوسهم رسلاً من الدرجة الأولى.

ويبيِّن بولس الرسول اهتمامه بكنيسته اهتمام الأمِّ بأولادها: ما ثقَّلت على أحد منكم. حملتُ إليكم إنجيل الله مجّانًا (آ9، 7). وهو الذي طبع فيهم صورة المسيح. فما عليهم سوى أن يقتدوا بالمسيح، أن يعملوا أعمال المسيح.

في هذا المجال نميِّز بين طاعة وطاعة. وقد قال لنا تعليم الكنيسة: نحن نخضع للرسول إذا كان طلبه يقود إلى القداسة، لا إلى الخطيئة لا سمح الله. في هذه الحال، رفضُ الطاعة أمرٌ واجب. هذا ما نفهمه في إطار القدّيس بولس حين يشدِّد على الطاعة التي تقود إلى البرّ (رو 6: 19). في الماضي »كنتم عبيدًا للخطيئة« (آ20). إذًا، أطعتم الخطيئة ومن يقودكم إليها، وأوَّل قائد لكم هو إبليس والحيَّة الجهنَّميَّة. مثل هذه الطاعة قادتكم إلى الموت (آ16). ويعلن الرسول بفرح كبير: »ولكن شكرًا لله! فمع أنَّكم كنتم عبيدًا (خاضعين) للخطيئة، أطعتم بكلِّ قلوبكم تلك التعاليم التي تسلَّمتموها، فتحرَّرتم من الخطيئة وأصبحتم عبيدًا للبر« (آ17-18). صرتم في خدمة القداسة، تطلَّعتم إلى ما علَّمنا الربّ في الصلاة: أن نقدِّس اسمه، ونعمل مشيئته، ونطيعه في كلِّ ما يطلب منّا.

ونعود هنا إلى عنوان المقال: أطيعوا مدبِّريكم واخضعوا لهم« (عب 13: 17). لفظ »مدبِّر أو مرشد« يقابل في اليونانيَّة »الهيجومين« أو رئيس الدير. كان عادة شخصًا كبيرًا في السنّ. دعاه التقليد العبرانيّ: الشيخ. والتقليد السريانيّ: قسّيس (قشيشا). أمّا الطاعة فهي الانقياد. الأكبر »يقود« الأصغر. الوالد (والوالدة) يقود ابنه إلى المدرسة، والطاعة تعني التوافق من أجل عمل معًا. عندئذٍ يُصبح سهلاً. هنا نفهم كلام القدّيسين الذين كانوا يفضِّلون الطاعة على إعطاء الأوامر و«الحكم« في الدير. من نطيعه هو مسؤول عنّا، ويحاسَب على تصرُّفاته. من نطيعه يسهر علينا، على نفوسنا. وهنيئًا له إن نحن سهَّلنا له مهمَّته فيقوم بها بفرح. أمّا إذا غابت الطاعة، »فالرئيس« يتحسَّر، يبكي إذا كانت عنده مخافة الله. وفي أيِّ حال، لا يكون الرفض لمنفعتنا بل خسرانًا لنا. ذاك ما قالته الرسالة إلى العبرانيّين: مدبِّروكم »يسهرون على نفوسكم كأنَّ الله يحاسبهم عليها. فيعملون عملهم بفرح، لا بحسرة يكون لكم فيها خسارة« (آ17). عن هذه المسؤوليَّة حدَّثنا سفر صموئيل الأوَّل، فذكر لنا بني عالي. ضعفَ الوالدُ في تأديبهم، فكانت النتيجة وخيمة عليه وعليهم: »علم أنَّ بنيه أثموا، ولم يردعهم« (1 صم 3: 13).

أمّا الخضوع فيعني أوَّلاً التواضع. رفض آدم الخضوع لأنَّه أراد أن يصير مثل الله، عارفًا الخير والشرّ. تلك كانت التجربة في الماضي. وهي ترافقنا اليوم. فمن يرفض الخضوع يحسب نفسه أفضل من الرئيس. ربَّما على المستوى البشريّ. ولكن لا في المسيح. فالطاعة الحقَّة هي الطاعة لله، لا للناس. من أجل هذا قال لنا الرسول: »اتَّضعوا تحت يد الله القديرة ليرفعكم عندما يحين الوقت« (1 بط 5: 6). ويعقوب أخو الربّ: »اتَّضعوا أمام الربِّ فيرفعكم الرب« (يع 4: 10).

والخضوع يرتبط بالسكون والطمأنينة. بما أنَّ يدًا تمسك بيدنا، فنحن لا نقلق ولا نضطرب. وإذا كانت هذه اليد امتدادًا ليد الربّ، فماذا ينقصنا بعد؟ ولكن ما حيلتنا والإنسان يريد أن يقود نفسه بنفسه، فيسمِّيه أفلاطون »مجنونًا«، لأنَّ الإنسان قلَّما يعرف نفسه. على ما يقول لنا يعقوب أيضًا: »ينظر في المرآة وجهه، وحين يمضي ينسى كيف كان وجهه« (يع 1: 23-24). والمسؤولون في كنيسة كورنتوس: استفاناس، فرتوناتوس، أخائيكوس (1 كو 16: 17) حملوا الأخبار إلى بولس الموجود في أفسس. »اعرفوا كيف تكرمون أمثالهم« (آ18). والإكرام شكل من أشكال الطاعة. قال عنهم الرسول: »قاموا مقامكم في غيابكم«. ثمَّ إنَّ عائلة استفاناس هي الباكورة، »هم أوَّل من آمن بالمسيح في أخائية، وأنَّهم كرَّسوا أنفسهم لخدمة القدّيسين. فأناشدكم، أيُّها الإخوة، أن تسمعوا لهم ولكلِّ من يعمل ويتعب معهم« (آ15-16). السماع هو الطاعة. ونلاحظ التعابير: كرَّسوا أنفسهم. لم يعودوا لأنفسهم بل للمؤمنين الذين أوكلوا بهم، وهذا يعني التضحية والعطاء. ثمَّ عمله هو الخدمة لا الترؤُّس والرئاسة على ما قال الرسول لمن أراد له ولأبلّوس أن يكونا »زعيمين« في الكنيسة: »فمن هو أبلُّوس ومن هو بولس. هما خادمان بهما اهتديتم إلى الإيمان بقدر ما أعطاهما الرب« (1 كو 3: 5). وهذه الخدمة هي عمل وتعب، وأبعد ما تكون عن »الراحة« وإتعاب الآخرين.

وما قاله الرسول لأهل كورنتوس، سبق وقاله لأهل تسالونيكي، لأنَّه رأى أنَّ كلَّ كنيسة وكلَّ جماعة تحتاج إلى مثل هذا التنبيه، وإلاَّ لما كانت الطاعة واحدة من النذور الثلاثة التي ترافق الفقر والعفَّة. قال: »ونطلب منكم، أيُّها الإخوة، أن تكرِّموا الذين يتعبون بينكم، ويرعونكم في الربّ، ويرشدونكم«. فالمسؤول هو الراعي ومثاله الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن أحبّائه. هو يعرف الخراف والخراف تعرفه، ومثل هذه المعرفة تجعل الكلَّ في حياة حميمة كالأعضاء في الجسد الواحد أو كالكرمة مع أغصانها حيث الماويَّة تنطلق من المسيح وتصل إلى آخر غصن في الشجرة.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
يعطيها فرح الأم بأولادها (مز 113: 9)
يستطيع أن يبيِّن أمر الملك ( دا 2: 10 )
الأم دولاجى التى ضحت بأولادها فربحت هى وأولادها
لأن اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح حياة وسلام
مفيش حب من غير اهتمام .. ومفيش اهتمام من غير حب


الساعة الآن 07:44 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024