منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 04 - 04 - 2024, 03:10 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

بولس الرسول وفضيلة الرجاء




بولس الرسول وفضيلة الرجاء

الفضيلة هي الدرجة الرفيعة في الفضل، في أن يزيد الإنسان على قريبه في البرِّ والإحسان. الفضيلة تقابل النقيصة، وحيث ينقص الرجاء لن يبقى للإنسان من طريق سوى القنوط واليأس. والفضيلة ترافق المزيَّة التي هي التمام في ما يعيشه الإنسان، ما يتميَّز به الإنسان.

فالرجاء لا يُولَد مع الإنسان وكأنَّه جزء من طبيعته، بل هو صفة يتحلّى بها الإنسان المؤمن، فيختلف عن الذين لا رجاء لهم (1 تس 4: 13). ولاسيَّما عند ساعة الموت، فعلى المؤمن أن »يضيفها«، »يزيدها« على ما عنده من صفات بشريَّة، بسبب سموِّها ورفعتها. فهي ثابتة كما يقول الرسول تجاه الأمور العابرة: »والآن يبقى الإيمان والرجاء والمحبَّة« (1 كو 13: 13). من أجل هذا يهنّئ الرسول أهل تسالونيكي: »نشكر الله كلَّ حين من أجلكم جميعًا، ونذكركم دائمًا في صلواتنا. ونذكر أمام إلهنا وأبينا ما أنتم عليه بربِّنا يسوع المسيح، من نشاط في الإيمان، وجهاد في المحبَّة، وثبات في الرجاء« (1 تس 1: 2-3).

فهذه الفضائل الثلاث لا تأتي بالطريق السهلة، بل هي تفترض مجهودًا كبيرًا ربَّما يعرِّضنا للخطر، إن لم يكن للهزء، كما حصل لبولس حين كان في أثينة فحدَّث أهلها عن »قيامة الأموات« (أع 17: 32). من هنا قال الفلاسفة عن الفضيلة: »هي تجعل الإنسان قادرًا على العمل كما يجب، بحيث تكون نفسه عائشة في توازن تام«. مثل هذه الفضيلة هي عطيَّة من لدن الله.

أمّا الرجاء فهو ضدُّ اليأس والقنوط ورفيق الأمل أو النظر إلى البعيد. في الرجاء نعتبر أنَّ ما نرغب فيه يمكن أن يتحقَّق. لهذا ننتظر بملء الثقة عطيَّة من العطايا، أو نتَّكل على شخص قدير بأن يمنحنا ما نصبو إليه من خير.

هذا يعني أنَّنا حين نتكلَّم عن الرجاء نشير إلى المكانة التي يحتلُّها المستقبل في الحياة الدينيَّة لدى شعب الله. وهو مستقبل من السعادة يُدعى إليه البشرُ جميعًا، »فالله يريد أن يخلص جميعُ الناس ويبلغوا إلى معرفة الحق« (1 تم 2: 4). ومواعيد الله كشفت لشعبه، مرحلةً بعد مرحلة، عظمة هذا المستقبل الذي لن يكون »واقعًا« من هذا العالم، بل »وطنًا أفضل، الوطن السماوي« (عب 11: 16) بل »ما وُعدنا به، أي الحياة الأبديَّة« (1 يو 2: 25).

وما يُسند هذا المستقبل الذي وعد به الله والمتطلِّبات التي يفترض، هو الإيمان الذي هو »الوثوق بما نرجوه، وتصديق ما لا نراه« (عب 11: 1). فالإنسان الواثق يستند إلى الله الذي به يرتبط هذا المستقبل. وحين يتجذَّر الرجاء في الإيمان والثقة، يستطيع أن يتحدَّد نحو المستقبل ويحرِّكُ بديناميَّته حياة المؤمن كلَّها. والرجاء يحافظ على الصبر والأمانة اللذين يعبِّر عنهما العهد الجديد بالمحبَّة. وهذا ما يجعلنا أمام المثلَّث الذي أطلقه الرسول، الإيمان والرجاء والمحبَّة، أو ما يُدعى في اللاهوت المسيحيّ: الفضائل الإلهيَّة. فهي تربطنا بالله مباشرة قبل أن توجِّهنا إلى القريب: »أمّا نحن، فننتظر على رجاء أن يبرِّرنا الله بالإيمان بقدرة الروح. ففي المسيح يسوع، لا الختان ولا عدمُه ينفعُ شيئًا، بل الإيمان العامل بالمحبَّة« (غل 5: 5-6).

في قراءة للإناجيل الأربعة، لا نجد لفظ »رجاء« كاسم، بل كفعل، وفي معنى دنيويّ لا في معنى دينيّ. في لو 6: 34 هو الرجاء بأن ينال الإنسان مالاً (ترجون أن تستردُّوا منه قرضكم). وفي لو 23: 8 نعرف أنَّ هيرودس كان »يرجو أن يشهد آية تتمُّ على يده«، على يد يسوع. وفي المعنى الدينيّ نقرأ الفعل »ترجّى« ثلاث مرّات في خطِّ العهد القديم. في مت 12: 21، يرد نصّ إش 42: 4: »وعلى اسمه تترجّى الأمم« (رج رو 15: 12). في لو 23: 21، ترجَّى تلميذَيْ عمّاوس من يسوع أن يخلِّص إسرائيل. وفي يو 5: 45، جعل اليهود رجاءهم في موسى.

لهذا كانت أفعال أخرى: انتظر (1 تس 1: 10: وتنتظروا ابنه من السماء). توقَّع (رو 8: 19، 23: متوقِّعين التبنّي؟ رو 8: 25؛ 1 كو 1: 7؛ غل 5: 5؛ فل 3: 20؛ عب 9: 28). سهر (1 كو 16: 13؛ كو 4: ..2.). تمسَّك (فل 2: 16: متمسِّكين بكلمة الحياة؛ 1 تم 4: 16). صبر، احتمل (رو 2: 12: صابرين في الضيق؛ 1 كو 13: 7؛ 2 تم 2: 10، 12؛ عب 10: 22؛ 12: 2، 3، 7). هذا ما يقابل الأفعال العبريَّة كما ترجمت في السبعينيَّة: »ب ط ح«، وثق به، اطمأنَّ. »ق و ه« انتظر، ترجّى. »ي ح ل« انتظر إنسانًا. »ح ك ه« انتظر بثقة ويقين. »ح س ه« التجأ إليه، وجد فيه الحماية، جعل اتِّكاله عليه.

هذه الأفعال بما تحمل من معانٍ وُجدت في الأدب اليونانيّ السابق للعهد الجديد، ولاسيَّما الرسائل البولسيَّة. فاستعملها الرسول. نشير هنا إلى أنَّ الرومان تعبَّدوا »للرجاء« وبنوا له المعابد الكثيرة، واعتبروا أنَّ هذه العبادة تشدِّد العزيمة. ففي خلال الحرب بين رومة وقرطاجة، مثلاً، بُنيَ هيكل »للرجاء«. في القرن الأوَّل المسيحيّ، ترجَّت بعض النفوس الخلاص بواسطة آلهتها، ولكن سيطر الحزن بشكل إجماليّ مع اليأس والقنوط. فقال أحدهم: »لا نستطيع بعدُ أن نتحمَّل رذائلنا ولا علاجاتنا«. وبكى آخر على الأبناء الذين يسيرون وسط الشرور المختلفة، كما حسدَ الأمواتَ الذين تركوا الحياة فوجدوا في الموت الدواء لشقاءاتهم. هنا نلتقي مع أيّوب البارّ الذي هتف بعد أن أصابه ما أصابه من شرور (ف 3):

11 لماذا لم أمُتْ من الرحم

أو فاضتْ روحي عندما خرجتُ.

12 لماذا قبلتني الركبتان،

أو الثديان حتّى أرضع؟

13 إذًا لكنتُ الآن أرقُدُ في سلام

غارقًا في سباتٍ مريح.

بل قال أحدهم: »لم أكن موجودًا وصرتُ موجودًا. لم أعُدْ موجودًا، لا بأس«. مثل هؤلاء الناس احتاجوا إلى من يحرِّك فيهم الرجاء. قال الرسول لهم: »إذا كنّا نؤمن بأنَّ يسوع مات ثمَّ قام، فكذلك نؤمن بأنَّ الذين رقدوا في يسوع سينقلهم الله إليه في يسوع« (1 تس 4: 14). وكلَّم الوثنيّين في الرسالة إلى أفسس »لا رجاء لكم ولا إله في هذا العالم« (أف 2: 12). لماذا؟ لأنَّكم »كنتم بعيدين«. »أمّا الآن، ففي المسيح يسوع صرتم قريبين بدمِ المسيح« (آ13). ويتواصل الكلام في هذه الرسالة: »فأنتم جسدٌ واحد وروح واحد، مثلما دعاكم الله إلى رجاء واحد« (أف 4: 4). أجل، هناك رجاء واحد، لأنَّ الله واحد. فلا ندهش بعد اليوم: »نحن بيته (بيت الله) إن تمسَّكنا بالثقة والفخر بما لنا من رجاء« (عب 3: 6). لهذا قيل: »الرجاء واحد والباقي انتظار«. لهذا كانت الحياة نداء مثل نداء ذاك المكدونيّ الذي جاء في الليل إلى بولس وقال له: »اعبُر إلى مكدونية وأغثنا« (أع 16: 9). وهكذا توجَّهت كرازة الخلاص شيئًا فشيئًا نحو كرازة الرجاء، وصار الإعلان الإيمانيّ »تمسُّكًا بالرجاء... لأنَّ الله الذي وعد أمين« (عب 10: 23).
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بولس الرسول يعيش في الرجاء وينتظر من الله أن يسهِّل له طريقه
بولس من رسالة بولس الرسول الي عبرانيين (11 : 17 - 27) يوم الجمعة
ظهور الرب لبطرس الرسول كما اكَّد بولس الرسول
ذكصولوجية القديسين بطرس الرسول و بولس الرسول - قبطي
البولس بولس، فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى كورنثوس (14 : 12 - 17) يوم الجمعة


الساعة الآن 04:24 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024