|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
معلِّمون يطلبون الربح السريع ظنَّ هؤلاء المعلِّمون νομιζω (1 كو 7: 26-36) أنَّ التقوى أو الديانة التي يعلِّمون تؤمِّن لهم الغنى. إذًا، انتظروا أن ينالوا المال لكي يُشبعوا طمعَهم، بالإضافة إلى الإكرام ليرضوا كبرياءهم. لا شكَّ في أنَّ لهؤلاء »المعلِّمين« الحقَّ بأن يكرَّموا، على مثال الزارع الذي يتعب فينال حصَّته من الغلَّة (2 تم 2: 6). ولكنَّ السوء عند هؤلاء يقوم بأن يعلِّموا لكي يجمعوا المال (تي 1: 11: مكسب خسيس). فهدفهم الأوَّل ليس التعليم بل كسب المال. وهكذا صارت التقوى موضوع تجارة، فشابهوا سيمون الساحر الذي أراد أن يربح المال حين يضع يده على الآتين إليه، فكان جواب بطرس قاسيًا: »إلى جهنَّم أنت ومالك« (أع 8: 20). فالخدمة الروحيَّة هي لهم وظيفة تؤمِّن الربح. هي ذروة الخداع والغشّ. وحبُّ المال كان تجربة المعلِّمين المتنقِّلين والمبشِّرين الجوّالين (1 تس 2: 5). هم يتشبَّهون بفلاسفة يبيعون دروسهم، فاستحقُّوا التنديد من قبل سينيكا في الرسالة 108. والديداكيه أو تعليم الرسل طلب أن نتعرَّف إلى سلطة المبشِّرين الحقيقيّين من خلال تجرُّدهم. هنا تلاعب الرسول على لفظ μορισμος: لا شكَّ التقوى هي مصدر ربح، وربح كبير μεγας. ولكن على مستوى آخر، لأنَّها تحمل مواعيد الحياة الحاضرة والحياة الأبديَّة (4: 8). هذا الغنى الحقيقيّ هو العيش من أجل الله. هذا يقودنا في خطَّين. في الخطِّ الأوَّل، وهذا بحسب الفكر الوثنيّ، فالتقوى تنال من الله ما هو ضروريّ للإنسان ويكفيه على هذه الأرض (2 كو 9: 8). في الخطِّ الثاني، هذا الاكتفاء، هذه القناعةαυταρκεια يعني أنَّنا نقبل بما نملك. قالوا: التقوى هي الكمال في امتلاك الخيرات. هي حالة تَنقل إلى مالكيها ملءَ السلطان على الذات. والسعادة هي التقوى المرتبطة بالتجرُّد. والتقوى الحقيقيَّة هي ربح للإنسان، لأنَّها تتيح له بأن يحكم على الأمور الحكم الصائب ويجعل كلَّ شيء في مكانه، على مثال ذاك التاجر الذي باع كلَّ شيء ليشتري تلك اللؤلؤة (مت 13: 46). بفضل هذه التقوى، لا نتعلَّق بعدُ بالأمور المادِّيَّة، بل نكتفي بما عندنا بحيث تكون القناعة سرَّ السعادة، كما قال القدّيس أوغسطين: »أفضل أن يكون لك من أن تحتاج إلى أكثر«. وهكذا يصبح »القنوع« سيِّدَ العالم وكلَّ ما يحتويه، والمسيح يتعامل مع كلِّ شيء على أنَّه عطيَّة من الله. وتشرح آ7 (فما جئنا العالم بشيء) لفظ μορισμος. نكتفي بما أُعطينا. ومن النافل أن نتطلَّع إلى أكثر. فالإنسان، على مستوى التقوى، على المستوى الأدبيّ والروحيّ، يمتلك كلَّ شيء لكي يعيش ويكون سعيدًا. أجل، يمكن أن يكتفي الإنسان بالقليل (آ8): أن يكسي عريَه، أي يشبع جوعَه. هنا نطرح السؤال حول هذه التعاليم الضالَّة التي يحملها هؤلاء المعلِّمون. أوَّل ما يلفت نظرنا هو التعاليم المتهوِّدة التي ما زالت تعمل في الكنيسة. قالت الرسالة إلى تيطس: »فهناك كثير من المتمرِّدين الذين يخدعون الناس بالكلام الباطل، وخصوصًا بين الذين هم من اليهود« (تي 1: 10). والهدف هو هو: مكسب خسيس (آ11). تدعوهم الرسالة: أهل الختان. هي عودة إلى الممارسات اليهوديَّة التي قيل فيها بمناسبة »مجمع أورشليم« سنة 49: »لا خلاص لكم إذا لا تُختَنون على شريعة موسى» (أع 15: 1). هؤلاء اليهود يريدون أن يكونوا »معلِّمي الشريعة« (1 تم 1: 7). أوَّلاً، قال الربّ: »أمّا أنتم فلا تسمحوا بأن يدعوكم أحد: يا معلِّم، لأنَّكم كلَّكم إخوة ولكم معلِّم واحد (مت 23: 8). ثمَّ، أيَّ شريعة يريدون أن يعلِّموا؟ فالشريعة القديمة تجاوزها الزمن. هي اكتملت بما فعله يسوع حين صار إنسانًا من أجلنا. وفي أيِّ حال، لم تعد تكفي. قال الربّ: »إن لم يزد برُّكم على برِّ الكتبة والفرّيسيّين لن تدخلوا ملكوت السماوات« (مت 5: 20). وإذ يريد هؤلاء اليهود أن يعلِّموا، تكون الجدالات حول الشريعة، فيعلن الرسول أنَّ حماقتهم تنكشف سريعًا لجميع الناس (تي 3: 9) مثل »ينيس ويمبريس« اللذين رأى فيهما التقليد ساحرين وقفا في وجه موسى خلال الخروج من مصر. ماذا استفادا من المجابهة؟ لا شيء. مثلهما يكون اليهود الذين يريدون الجدال في أمور الشريعة. وما هو موضوع الحديث؟ »خرافات ووصايا« (تي 1: 14). مثل هذه الخرافات الغريبة الآتية من الميتولوجيّا، هي خطرة لأنَّها تبعد الناس عن الحقّ، عن حقيقة الإنجيل. وتحدَّثت الرسالة الأولى إلى تيموتاوس عن »الخرافات وذكْر الأنساب التي لا نهاية لها« (1: 4). ماذا عن الآباء بحسب التقاليد اليهوديَّة؟ وماذا عن الأبطال الذين »كبر حجمهم« في الأخبار؟ كلُّ هذا سيكون موضوع التنظيرات الغنوصيَّة التي ابتعدت عن المسيحيَّة، وكتبت إنجيلاً أو بالأحرى أناجيل خاصَّة بها. وتجاه »التعاليم اليهوديَّة« التي خافت من التعاليم المسيحيَّة باكرًا، وأرادت أن تقف في وجهها أو تزاحمها، على ما نقرأ في الرسالة إلى غلاطية، هناك أيضًا التعاليم الغنوصيَّة التي ربَّما لم تكن دُوِّنت بعد. فالغنوصيَّة ثنائيَّة جذريَّة تؤسِّس خلاص الإنسان على رذل المادَّة الخاضعة لقوى الشرّ، كما إنَّها تعلن أنَّها تمتلك معرفة سامية عن الأمور الإلهيَّة. لهذا، فهي تستطيع أن تجادل من منطق متعالٍ وهي مقتنعة أنَّ معها الحقيقة ملء الحقيقة. وما يتّصل بالغنوصيَّة القول بأنَّ القيامة تمَّت (2 تم 2: 18)، ممّا يعني أنَّ الإنسان يستطيع أن يعيش الفلتان الجنسيّ. لهذا نجد اللوائح العديدة التي تذكر الرذائل والخطايا. وبما أنَّ الغنوصيَّة رفضت المادَّة والجسد، منعت الزواج وبعض الأطعمة. قال الرسول متحدِّثًا عن المعلِّمين الكذبة الذين اكتوت ضمائرهم فماتت: »ينهون عن الزواج وعن أنواع من الأطعمة خلقها الله ليتناولها ويحمده عليها أولئك الذين آمنوا وعرفوا الحبّ« (4: 2-3). فالغنوصيّ الروحيّ الذي هو مخلَّص بطبيعته، لا يربط خلاصه بأنَّ ممارسة خلقيَّة. قال إنجيل فيلبُّس مثلاً: »اللؤلؤة المغمَّسة في الوحل أو المدهونة بالصمغ، تحافظ على قيمتها في نظر مالكها«. فالغنوصيّ هو فوق سائر البشر ولا يمكن أن يعيش على مستوى البشر الذين يحيطون به. لهذا، إن هو لم يمارس الزواج، فهو إمّا يعيش الفلتان الذي لا حدود له، أو العفَّة في شدَّتها وقساوتها. |
|