الصلاة مصدر الفرح المسيحي
الذي يصلي يفرح والذي لا يصلي لا يفرح
انجيلنا المقدس يبتدأ بحدث يدعونا الى الفرح وهو ميلاد ربنا والهنا يسوع المسيح كما جاء في بشارة القديس لوقا الإنجيلي: ” وكان في تلك الناحية رعاة يبيتون في البرية يتناوبون السهر في الليل على مراعيهم. فظهر لهم ملاك الرب وأشرق مجد الرب حولهم فخافوا خوفا شديدا. فقال لهم الملاك لا تخافوا ها إني أبشركم بفرح عظيم يكون فرح الشعب كله: ولد لكم اليوم مخلص في مدينة داود وهو المسيح الرب.” ( 2/ 8 – 11 ). ويختتم بحدث آخر يدعونا أيضا الى الفرح: وهو قيامة ربنا والهنا يسوع المسيح من بين الأموات حسب رواية إنجيل يوحنا الرسول: ” وفي مساء ذلك اليوم، يوم الأحد، كان التلاميذ في دار أغلقت أبوابها خوفا من اليهود، فجاء يسوع ووقف بينهم وقال لهم: السلام عليكم، قال ذلك وأراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ لمشاهدتهم الرب.” ( 20/ 19 – 20 ). وبولس الرسول، رسول الامم وشهيد الحب الالهي، يخبرنا بأن الفرح هو أحد ثمار الروح القدس: ” أما ثمر الروح القدس فهو المحبة والفرح والسلام ….” ( غلاطية 5/ 22 ). وفي رسالته إلى أهل فيلبي يقول: ” افرحوا في الرب دائما، أكرر القول، أفرحوا.” ( 4/ 4 ).
لعل سائل يسأل: أين دور ومكانة الصلاة في هذه النصوص الكتابية؟ لنتذكر، بأن الفهم الصحيح والإدراك السليم لمعنى ومفهوم آيات الكتاب المقدس لا يتم إلا بواسطة الصلاة التي هي عمل الروح القدس في قلب المؤمن. ( راجع الرسالة إلى أهل رومة 8/ 26). إن المفسر الاول للكتاب المقدس هو الروح القدس نفسه، الذي بالهام وإيحاء منه، كتب لنا الرسل الأسفار المقدسة التي تنقل لنا بشرى وفرح الخلاص الذي تحقق بموت وقيامة ربنا يسوع المسيح، له كل المجد والاكرام والسجود. لنتذكر أيضا، بأن مفسري الكتاب المقدس و اللاهوتيين الكبار، وفي مقدمتهم آباء الكنيسة الذين عاشوا في القرون السبعة الاولى، والذين تعترف الكنيسة المقدسة بصحة واستقامة كتاباتهم وتعاليمهم، كانوا بالدرجة الاولى، أهل الصلاة والتأمل في كلام الله الحي. بواسطة الصلاة، اختبروا فرح تكريس حياتهم لكشف سر الله الواحد والثالوث وسر التجسد والفداء لجميع الشعوب كي تؤمن وتنال نعمة الخلاص وفرح الحياة الابدية.