|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لم يجد يونان النبي طريقًا أعذب وأكثر أمانًا من ذاك الذي وهبه الله، حين ألقاه النوتية في البحر الثائر. لقد اعد له الرب حوتًا عظيمًا ليبتلعه (يونان 17:1). في داخله تمتع بسفينة فريدة ليست من صنع إنسان، رفع قلبه إلى الله فتمتع بما لم يتمتع به رؤساء الكهنة في قدس الأقداس، إذ يقول "جاءت إليك صلاتي إلى هيكل قدسك" (يونان 7:2). قدم تسبحة فريدة عن بهجة القيامة: "للرب الخلاص" (يونان 9:2). يراه القديس يعقوب السروجي وديعةً محفوظة في جوف الحوت. حيث لا يوجد رجاء؛ يتجلَّى قدامه الرجاء في الرب، وحيث وُجد الموت تلامس مع الحياة الجديدة المُقامة! * حينئذ أعد الرب حوتًا كما كُتب، وبلع يونان ليعظمه بين الأمواج. حوت عظيم قبله في دهشة، حفظه كوديعةٍ حتى لا تلطمه الأمواج المحيطة به. في المكان الذي ليس له فيه رجاء التقى به الرجاء، ومن داخل الموت نبعت الحياة برمزٍ خفيٍ. في الموضع الذي ليس فيه ساتر ولا مخلص، ستره الحنان، ليسترد الحياة من الموت. * سار يونان في الطريق المخوف بلا صحبة. وتبعته المراحم وصارت في صحبته... أسرع في طريقه إلى مكانٍ مرعبٍ بغير خوفٍ. وحيث ليس مخلصون ولا حافظون حفظ الرب ابن العبرانيين حتى لا يفسد... سفينة جديدة اقتناها يونان لم تنكسر، وجلس وسار في قلب البحر بسرعة. سفينة مدهشة تغوص وتجس أعماق البحر، وحمولتها محفوظة لا يبلغها أذى. سفينة سائرة لا بواسطة الرياح على وجه المياه بل بالحميم داخل المياه بغير ملاحين. سكن في بيتٍ يسلك بين الأمواج في دهشةٍ، وعندما يتقلب لا يفرغ ما فيه. * حديثه مدهش، كاهن يصلي بإطالة، وهيكله بين الأمواج بسرعة. المذبح داخل الحوت، والصوت عوض القرابين، وقدس الأقداس الذي لا يدخل فيه إلا واحد (رئيس الكهنة). هيكل لم يبنهِ إلا مَنْ هو مولود في داخل المياه. جاء الكاهن من اليابس ودخل وقَدَّس فيه. في المسكن يوجد هرون، وعلى رأس الجبل إيليا، وفي الهيكل سليمان، وفي داخل الحوت يونان، إنه مذبح بتولي لم يدخل أحد يكهن فيه منذ دخله الكاهن البهي بالخدمة الفريدة. قول مدهش، لما أرعد (يونان) في أحشاء الحوت، وصعدت صلاته، وليس من شيءٍ يعوقها. لقد شقت صلاته الأعماق، ولم تعُقها البحار، طارت إلى العلو، ولم يغرقها العمق العظيم. زاحمت ودخلت وسط الملائكة ولم تُمنع. التقي بها صفوف الناريين ولم تتبكت. ربطت (الصلاة) يديها، وصرخت بألمٍ قدام العظمة الإلهية. أحنت رأسها وسألت الرحمة من الحنان الإلهي. اضطربت ورعد صوتها بالتضرع بقيثارتها الحلوة، ونطق فمها يطلب المراحم. يا ربي ذاك العبد المحبوس في قاع البحر أرسلني، وأنا أتيت أقدم السؤال. القديس يعقوب السروجي |
|