|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كلمة عن القديسة دميانة بقلم نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى إن القديسة دميانة تعبّر بحياتها وسيرتها وتاريخها، عن قيمة من قيم المسيحية التى بدأت مع قوم بسطاء وفقراء، اختارهم الله لينشروا الكرازة بالإنجيل فى كل العالم بقوة الروح القدس العامل فيهم. غير مستندين على الإمكانيات البشرية، ليكون فضل القوة لله لا منهم (انظر 2كو4: 7). ولكن المسيحية بروحانيتها وسموها كتعليم وهبة سمائية استطاعت أن تصل من القاعدة إلى القمة، من الفقراء إلى الأغنياء ومن الجهلاء إلى المثقفين، ومن البسطاء إلى ذوى السلطة والنفوذ، بالوسائل الروحية المجرّدة. واستطاعت المسيحية أن تُجرد العالم من سطوته وتأثيره على الأغنياء، ليحتقروا عبودية المادة والرغبات العالمية، وكل زخارف الحياة الفانية، بتطلعهم إلى ما هو أفضل وأسمى وأبقى فى عالم الروح وفى علاقتهم الفائقة للعقول مع الله أبى الأرواح. هكذا ستظل القديسة دميانة كإبنة لوالى البرلس، حباها الله بالجمال والمال، فرفضت كل متع العالم وفضلت أن تكون عروسًا للمسيح. وكان ذلك رمزًا لقوة تأثير المسيحية، وقدرتها على تغيير مسار الناس بالطرق الروحية ليسعوا فى طلب المسكن الأفضل السمائى، وقدرتها على بعث قوة غير عادية فى حياة البشر ليكونوا شهودًا للمسيح بدمائهم وحياتهم، مؤكّدين بذلك الوحدة الفائقة بين المسيح الرأس المكلل بالأشواك، والكنيسة جسده المتألّم المبذول فى محبة الفادى. المسيح يبذل ويعطى جسده للكنيسة، والكنيسة تبادله محبته، فتبذل وتعطى حياتها له، قربانًا طاهرًا لله فى شركة الحب الإلهى المقدس. لقد استخدم الله القديسة دميانة كإناء للروح القدس -مختار من الله- لتكون عروسًا للمسيح فى حياة البتولية والرهبنة.. عجيبة هى القديسة دميانة فى فجر المسيحية، حيث استطاعت بقدرتها وتأثيرها أن تجذب العذارى الأربعين، ليشاركِنها العبادة والروحانية، وأن تقودهن إلى موضع الشهادة الكاملة للسيد المسيح فى يوم 13 طوبة الذى هو عيد استشهادهن. ولهذا فقد استطاعت سيرتها الطاهرة أن تجتذب الملكة هيلانة لتتبارك من جسدها المقدس، ولتبنى لها مقبرة فخمة مع العذارى الأربعين وكنيسة عظيمة فى البرارى، قام بتكريسها القديس العظيم فى البطاركة البابا ألكسندروس بابا الإسكندرية التاسع عشر فى يوم 12 بشنس (20 مايو) وأن تجتذب الكثيرين ليقتدوا بحياتها ويلتمسوا بركتها وقوة طلبتها المستجابة عنهم. وسيبقى ديرها فى برارى بلقاس على مر الأجيال (خاصة فى أعيادها)، مقصدًا لكثيرين من الآلاف من محبيها الذين لمسوا مقدار الكرامة المعطاة لها من الله لشدة محبتها له. لقد عادت الحياة الرهبانية إلى ديرها فى البرارى فى عهد قداسة البابا شنوده الثالث باعث النهضة الرهبانية فى جيلنا، وتقاطرت العذارى يطلبن حياة التلمذة الروحية فى رحابها، مجددات عهود التكريس القلبى والبتولية السامية، ساعيات فى طريق الحياة الملائكية بالتسابيح والصلوات التى لا تنقطع.. |
|