v "بيوتهم إلى الأبد مساكنهم إلى دورٍ فدورٍ" (مز 48: 12) LXX، بمعنى أن قبورهم هي بيوتهم إلى الأبد. عندئذ، إذ يشرح ماذا يعني بالقبور، لكي يُظهِر أنه كان يتكلم عن أجسادهم التي تهلك فيها نفوسهم بشرورهم، يضيف هذه الكلمات: "مساكنهم إلى كل الأجيال؛ لأن الأجساد البشرية تُدعَى دومًا مساكن". هؤلاء أيضًا يدعون أراضيهم بأسمائهم. فإن اسم الإنسان اللئيم لا يُسَجَّل في سفر الأحياء، ولا يُحسَب مع كنيسة الأبكار المحصاة في السماء. إنما تبقى أسماؤهم على الأرض، إذ فَضَّلوا هذه الحياة الزائلة القصيرة المدى عن المساكن الأبدية. ألا ترون كيف أن الذين يبنون الأسواق والمدارس في المدن، ويُقِيمُون أسوارًا، وينشئون قنوات، يكتبون أسماءهم على المباني الأرضية؟
بالفعل قام البعض بنقش أسمائهم على قطعان الخيل، ووضعوا خططًا أن يبسطوا ذكراهم إلى زمن طويل في الحياة، أقاموا أبنية فخمة لمقابرهم، ونقشوا أسماءهم على الأنصاب. هؤلاء هم الحكماء في الأمور الأرضية، الذين يهتمون بالمجد الحاضر، ويحسبون تذكُّر الناس لهم فيه الكفاية لتحقيق السعادة. فإنكم إن رأيتم أحدًا من هؤلاء الذين يتشامخون جدًا، فيما يدعونه باطلًا بالمعرفة، ويُكَرِّسون أنفسهم لتعاليم فاسدة صادقوا عليها، وعوض اسم المسيحيين نسبوا أنفسهم لأحد الهراطقة: مرقيون أو فالنتينوس أو أحد المُعاصِرين في الحاضر، مُكَرِّسين أنفسهم للعمل لحساب أناس مُدَمِّرين، وفي اختصار في الأمور الأرضية.