v تنبع كل الأشياء من الله. وحيث أن المخلوقات عديدة ومتنوِّعة، فهي قد تثبَّتَت وتواءمت مع الخليقة كلها. ومع ذلك فحينما نلاحظها على اِنفراد نجدها متناغمة في تقابلها، كالقيثارة التي تتكوَّن من العديد من المقاطع المتقابلة. لكنها في النهاية تعطي نغمة مُتَّصلة من خلال المقاطع التي تفصل الواحد عن الآخر.
يجب ألاَّ ينخدع الباحث عن الحقيقة بالفواصل التي تفصل بين المقطع والآخر أو يتصوَّر أن السبب في ذلك يرجع إلى ملحنٍ أو آخر، بل عليه أن يثق أنه يوجد كائن واحد قد صنعها جميعًا ليثبت المهارة والجودة وجمال العمل جميعه.
أولئك الذين يستمعون إلى النغمة يلزمهم أن يُسَبِّحوا الصانع ويُمَجِّدوه ويظهروا عجبهم بعمله. تارة يُقَدِّم لهم مقطوعة عالية ومرَّة أخرى ناعمة. ليدركوا الفرق بين هذه النغمات المتباينة. وليدركوا الطبيعة الخاصة للبعض الآخر، وحينئذٍ يتساءلون عما يهدف كل منها، وعن سبب التباين.
فلا نيأس أبدًا من تطبيق دورنا في الحياة، ولا نحبط الخالق. ولا نلقي إيماننا بالله الواحد الذي خلق الموجودات ولا نجدف على الخالق.