|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سقطت أسسها، نُقضت أسوارها. لأنها نقمة الرب هي فانقموا منها. كما فعلت افعلوا بها. اقطعوا الزارع من بابل، وماسك المنجل في وقت الحصاد. من وجه السيف القاسي يرجعون كل واحدٍ إلى شعبه، ويهربون كل واحدٍ إلى ارضه" [9-16]. يشبه الله مملكة فارس بجمهور نائم يحتاج إلى الله يوقظه معطيًا أمرًا بالصعود على بابل والاستيلاء على أرض الكلدانيين. كما كانت الأمم غنيمة لبابل هكذا تصير هي غنيمة لفارس. حقًا لم يخرب كورش مدينة بابل حين غزاها، لكن فيما بعد أثناء الحكم الفارسي إذ ثارت المدينة سباها داريوس هستاسبيس Darius Hystaspis سنة 514 ق.م. حيث أعدم حوالي 4000 شخصًا، وبدأ بتدميرها تدريجيًا حتى اختفت تمامًا. قامت بابل في منطقة خصبة جدًا، مع انتهاء سلطانها جفت قنواتها وصارت اليوم منطقة صحراوية [16]. ظهرت آثارها بواسطة رجال الحفريات في القرن التاسع عشر. لم يكن الأمر بالغزو الفارسي على بابل حكمًا مُجْحفًا، لكن الله يقدم حيثيات لهذا الحكم أهمها: أ. فرح البابليون وشمتوا عندما نهبوا ميراث الرب [11]، هكذا يحسب الله من يسيء إلى مؤمنيه ويشمت فيهم حتى في لحظات تأديب الله لهم إهانة إلى ميراث الرب نفسه. الذي يشمت فيمن يسقط تحت التأديب يفقد تعقله واتزانه، حتى طهارته وعفته، فيكون كالعجلة التي تقفز في وسط العشب بغير تعقلٍ لأنها تطلب العجل رفيقها، وكالخيل الذي يصهل [11]. إنهما صورتان عن الحياة الريفية توضحان بهجة بابل بانهيار شعب الله. ب. أخطأت بابل إلى الرب [14]، إذ ظنت أنه عاجز عن الوقوف أمام إلههم الباطل مرودخ. ج. "كما فعلت افعلوا بها" [15]، بالكيل الذي كالت به يُكال لها! أما القضاء فهو مشابه لما قيل عن الأمم الأخرى ولكن بصورة أشد، لأنها كانت أعنف منهم. أ. ظنت بابل أنها أمًا للأمم، ولم تدرك أن الأم تفرح بأولادها، وتقدمهم عنها، وتطلب نجاحهم، وتفتخر بهم، فإن فشلوا خربت جدًا. الآن يصيب أمها الخزي والخجل. ب. يجعلها آخر الشعوب بعد أن كانت بابل الإمبراطورية الأولى والمتقدمة للشعوب، بل وتحسب نفسها الإمبراطورية الوحيدة، كأنه لا يوجد غيرها في العالم. ج. يحل بها الخراب فلا تصلح للسكن. د. يسخر بها العابرون عليها. ه. تصير هدف السهام بلا رحمة. و. تسقط أساساتها وتنهار أسوارها. ز. تصير قفر لا يجد الزراع له عملًا، فيها ولا الحاصد يجمع شيئًا. ح. بلا سلام، يود الكل أن يهرب منها. وكما سبق فقلنا إن هذا كله يحل بالنفس الساقطة الرافضة الله واهب المجد الداخلي الأبدي. هذا ويلاحظ أن العقوبة هنا جاءت متشابهة تمامًا لما فعلته بابل بالأمم الأخرى. لقد دفعت الأمم الأخرى إلى الخزي والعار، ونزلت بهم ليصيروا كلا شيء، قتلت الكثيرين من سكانها، وهدمت أسوارًا وقصورًا، وقتلت الكرامين وأفسدت الحقول إلخ. هذا كله يحل بها الآن، ليتحقق القول الإلهي: "كما فعلت افعلوا بها" [15]. |
|