هل صليب المسيح علامة ضعفه ام قوته ؟؟؟
لانه وان كان قد صلب من ضعف لكنه حيّ بقوة الله.فنحن ايضا ضعفاء فيه لكننا سنحيا معه بقوة الله من جهتكم ( 2 كورنثوس 13 : 4)
ما المقصود بهذه الكلمات ؟؟
هل صُلب المسيح من ضعف في شخصيته او ارادته ؟؟؟
هل كان المسيح مسلوب الارادة وضعيفا حتى ان البشر صلبوه رغما عن ارادته ؟؟؟
يعتقد البعض ان اليهود والرومان حينما اشتركوا في صلب السيد يسوع المسيح فانما قد تم صلبه لانه كان ضعيفا ، فلم يستطع الدفاع عن نفسه ، او انقاذ نفسه ، ولذلك فلا يمكن ان يكون هو الله الظاهر في الجسد .
والحقيقة ان هذا التفكير يكشف عن انسان لم يكلف نفسه عناء البحث في الكتاب المقدس عن سبب صلب السيد المسيح ..
فقد اعلن السيد المسيح في كثير من المواقف انه ذاهب الى الصليب بطوع ارادته الكاملة :
فقال السيد المسيح بلسانه المبارك ( قبل الصليب ) أمام اليهود:” لهذا يحبني الآب لاني اضع نفسي لآخذها ايضا. ليس احد يأخذها مني بل اضعها انا من ذاتي .لي سلطان ان اضعها ولي سلطان ان آخذها ايضا.هذه الوصية قبلتها من ابي”( يوحنا 10 : 17 و 18) ء
وايضا ذكر هذا الامر امام التلاميذ : ” من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه انه ينبغي ان يذهب الى اورشليم ويتألم كثيرا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم” ( متى 16 : 21) ( راجع ايضا مرقس 8 : 31 ) و( لوقا 9 : 22)
فلو كان السيد المسيح يريد هربا من الصليب لكان فعل بمطلق حريته وامامه متسع من الوقت لذلك ، ولكننا نجد عكس ذلك تماما فالوحي المقدس يذكر ان السيد يسوع المسيح ( له كل المجد ) ” كان عالما بكل ما يأتي عليه ” وبهذا قد واجه رؤساء الكهنة والجنود الذين أتوا للقبض عليه قبل الصليب ( يوحنا 18 : 4) ، فلم يكن الامر مفاجئا له ، أو خارج عن ارادته الكاملة والمطلقة .
لقد كانت صلاة السيد يسوع المسيح في بستان جثيماني : ” وصلّى قائلا يا ابتاه ان شئت ان تجيز عني هذه الكاس.ولكن لتكن لا ارادتي بل ارادتك. ” ( لوقا 22 : 42) ، تشهد انه يضع ارادته الكاملة لتتوافق مع ارادة الله الآب لتتميم الفداء بالكامل ، وحتى اذا كان ( انسانيا ) يحب الحياة ولا يرغب في الموت ، فانما ذهب الى الصليب بالتوافق الكامل واخضاع ارادته ومشيئته لمشيئة الآب ، ونحن نرى ان هذا ردا كافيا على من قد يظن ان المسيح قد ذهب الى الموت بسبب كراهته للحياة او بسبب فشل او يأس في الخدمة ، او لأي سبب قد يدفع اي انسان للاقدام على عمل انتحاري ..
قال السيد المسيح في مواقف عديدة انه قد جاء الى العالم من اجل الصليب : الآن نفسي قد اضطربت.وماذا اقول.ايها الآب نجني من هذه الساعة.ولكن لاجل هذا أتيت الى هذه الساعة. ايها الآب مجد اسمك.فجاء صوت من السماء مجدت وامجد ايضا.” ( يوحنا 12 : 27 و 28) وقد قبل السيد المسيح هذا العمل اختياريا كما نرى ، وقد اقدم عليه بملء ارادته وبخضوع كامل :
” فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ايضا 6 الذي اذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة ان يكون معادلا للّه 7 لكنه اخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس. 8 واذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب. 9 لذلك رفعه الله ايضا واعطاه اسما فوق كل اسم 10 لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الارض ومن تحت الارض 11 ويعترف كل لسان ان يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب
( فيليبي 2 : 5 – 11)
ولهذا فنحن نجد السيد المسيح قبل الصليب ، واثناء عملية الصلب نفسها وهو معلق على الصليب ( له المجد ) قد حثه الناس على اثبات قدرته وقوته ولاهوته بأن يترك الصليب وينزل ( متى 27 : 40) ، ولكن الحقيقة ان هذه لم تكن مقولة الناس بل مقولة الشيطان نفسه الذي طالما حاول ان يثني السيد المسيح عن الذهاب الى الصليب ( متى 4 : 3 و 6 ) و( لوقا 4 : 3 و 7) و ( متى 16 : 23 ) و ( مرقس 8 : 33).
ان صليب المسيح لم يكن ضعفا ، ولكنه كان اتضاعا كاملا ، كان الصليب خطا واضحا بالنبؤات في العهد القديم اولا ثم بتحقيق كامل في العهد الجديد ، وكان خطا واضحا امام عيني السيد الرب يسوع المسيح ( له كل المجد ) ولهذا فصليب المسيح هو قوة الله للخلاص لكل من يؤمن ( روميه 1 : 16) وان كانت كلمة الصليب عن الهالكين جهالة وضعف ، فهي عندنا نحن المخلصين المؤمنين بعمل المسيح للفداء فهي قوة الله للخلاص لكل من يؤمن ( 1 كورنثوس 1 : 18)