|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التنديد والمحاكمة: 7 فَالآنَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ، إِلهُ إِسْرَائِيلَ: لِمَاذَا أَنْتُمْ فَاعِلُونَ شَرًّا عَظِيمًا ضِدَّ أَنْفُسِكُمْ لانْقِرَاضِكُمْ رِجَالًا وَنِسَاءً أَطْفَالًا وَرُضَّعًا مِنْ وَسْطِ يَهُوذَا وَلاَ تَبْقَى لَكُمْ بَقِيَّةٌ؟ 8 لإِغَاظَتِي بِأَعْمَالِ أَيَادِيكُمْ، إِذْ تُبَخِّرُونَ لآلِهَةٍ أُخْرَى فِي أَرْضِ مِصْرَ الَّتِي أَتَيْتُمْ إِلَيْهَا لِتَتَغَرَّبُوا فِيهَا، لِكَيْ تَنْقَرِضُوا وَلِكَيْ تَصِيرُوا لَعْنَةً وَعَارًا بَيْنَ كُلِّ أُمَمِ الأَرْضِ. 9 هَلْ نَسِيتُمْ شُرُورَ آبَائِكُمْ وَشُرُورَ مُلُوكِ يَهُوذَا وَشُرُورَ نِسَائِهِمْ، وَشُرُورَكُمْ وَشُرُورَ نِسَائِكُمُ الَّتِي فُعِلَتْ فِي أَرْضِ يَهُوذَا وَفِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ؟ 10 لَمْ يُذَلُّوا إِلَى هذَا الْيَوْمِ، وَلاَ خَافُوا وَلاَ سَلَكُوا فِي شَرِيعَتِي وَفَرَائِضِي الَّتِي جَعَلْتُهَا أَمَامَكُمْ وَأَمَامَ آبَائِكُمْ. 11 «لِذلِكَ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: هأَنَذَا أَجْعَلُ وَجْهِي عَلَيْكُمْ لِلشَّرِّ، وَلأَقْرِضَ كُلَّ يَهُوذَا. 12 وَآخُذُ بَقِيَّةَ يَهُوذَا الَّذِينَ جَعَلُوا وُجُوهَهُمْ لِلدُّخُولِ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ لِيَتَغَرَّبُوا هُنَاكَ، فَيَفْنَوْنَ كُلُّهُمْ فِي أَرْضِ مِصْرَ. يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ وَبِالْجُوعِ. يَفْنَوْنَ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ. يَمُوتُونَ وَيَصِيرُونَ حَلْفًا وَدَهَشًا وَلَعْنَةً وَعَارًا. 13 وَأُعَاقِبُ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِي أَرْضِ مِصْرَ، كَمَا عَاقَبْتُ أُورُشَلِيمَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْوَبَإِ. 14 وَلاَ يَكُونُ نَاجٍ وَلاَ بَاق لِبَقِيَّةِ يَهُوذَا الآتِينَ لِيَتَغَرَّبُوا هُنَاكَ فِي أَرْضِ مِصْرَ، لِيَرْجِعُوا إِلَى أَرْضِ يَهُوذَا الَّتِي يَشْتَاقُونَ إِلَى الرُّجُوعِ لأَجْلِ السَّكَنِ فِيهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرْجعُ مِنْهُمْ إِلاَّ الْمُنْفَلِتُونَ». "فالآن هكذا قال الرب إله الجنود إله إسرائيل: لماذا أنتم فاعلون شرًا عظيمًا ضد أنفسكم لانقراضكم رجالًا ونساءً أطفالًا ورضَّعًا من وسط يهوذا ولا تبقى لكم بقية؟!" [7]. ما قد فعلوه حطمهم وسيحطم الأجيال المقبلة، إذ دخلوا بأطفالهم والرضع إلى الشر. كأن الله يقول لهم: "إنكم لا تصيبوني بضررٍ ما، إنما تضرون أنفسكم وأولادكم. أليست أنفسكم لها وزنها في أعينكم؟!" إن كانوا يحبون أنفسهم فليسمعوا لصوت الرب لئلا يُهلكوا أنفسهم! استخدم الأنبياء أسلوب اللطف مع التحذير. من جهة اللطف يليق بالمؤمن أن يعلن حبه لله، فيجب ما يحبه الله، ويبغض ما يبغضه الله؛ من جهة التحذير يستخدم الخوف، أي لئلا تهلك أنفسهم. يليق بهم أن يكفوا عن الشر إن لم يكن من أجل محبتهم لله وصداقتهم معه واتحادهم به، فمن أجل أنفسهم ذاتها لئلا تهلك. يحمِّلهم الله المسئولية، فإن ما يصيبهم هو ثمرة شرهم. وكما قيل: "فلذلك يأكلون من ثمر طريقهم ويشبعون من مؤامرتهم؛ لأن ارتداد الحمقى يقتلهم وراحة الجهال تبيدهم؛ أما المستمع لي فيسكن آمنًا ويستريح من خوف الشر" (أم 1: 31-33). كما قيل: "ولا يكون خيرٌ للشرير، وكالظل لا يطيل أمامه، لأنه لا يخشى قدام الله" (جا 8: 13). "لإغاظتي بأعمال أياديكم إذ تبخرون لآلهة أخرى في أرض مصر التي أتيتم إليها لتتغربوا فيها، لكي تنقرضوا، ولكي تصيروا لعنة وعارًا بين كل أمم الأرض" [8]. جاء في البردية الفيلية (من جزيرة الفيلة) Elephantine Papyri أن اليهود في هذه الجزيرة كانوا يعبدون الإلهة "أناث ياهو Anath-Yahu" أي أناث يهوه. يرى القديس يوحنا الذهبي الفمأن الله سمح لإرميا أن يُحمل مع الشعب إلى مصر، لأنهم وإن كانوا قد عصوا صوت الرب بإصرار شديد، لكنه لا يتركهم في عنادهم. حملوا إرميا ليعلن الصوت الإلهي ولو بغير إرادتهم حتى لا يهلكوا تمامًا. فضهم الاستماع لإرميا يُظهر مدى الارتداد المستمر في حياة الهاربين إلى مصر. على أي الأحوال، لم ينتفعوا من التجربة بهروبهم إلى مصر حيث تنتشر العبادة الوثنية، مقاومين فكر اله. لقد ألقوا أنفسهم في أرض الخطية. يوبخهم على استمرارهم في العبادة الوثنية، مقدمين بخورًا للأوثان. إنهم دفعوا بأنفسهم إلى السقوط تحت التجربة بهروبهم إلى مصر حيث تنتشر العبادة الوثنية، مقاومين فكر الله. لقد ألقوا أنفسهم بأنفسهم في أرض الخطية. "هل نسيتم شر آبائكم، وشرور ملوك يهوذا، وشرور نسائهم، وشروركم، وشرور نسائكم، التي فُعلت في أرض يهوذا وفي شوارع أورشليم؟! [9]. يذكرهم بشرور آبائهم ونسائهم، هنا يوضح أن الشر كان منتشرًا على مستوى الملوك والشعب، يُمارس علانية في أرض الموعد وفي مدينة الله، وأوضح أيضًا دور النساء في الإغراء على عبادة الأوثان، كما حدث مع آخاب وسليمان الحكيم. "لم يذلوا إلى هذا اليوم ولا خافوا ولا سلكوا في شريعتي وفرائضي التي جعلتها أمامكم وأمام آبائكم. لذلك هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل. هأنذا أجعل وجهي عليكم للشر ولأقرض كل يهوذا. وآخذ بقية يهوذا الذين جعلوا وجوههم للدخول إلى أرض مصر ليتغربوا هناك، فيفنون كلهم في أرض مصر، يسقطون بالسيف وبالجوع يفنون من الصغير إلى الكبير، بالسيف والجوع يموتون، ويصيرون حلفًا ودهشًا ولعنةً وعارًا. وأعاقب الذين يسكنون في أرض مصر كما عاقبت أورشليم بالسيف والجوع والوبأ. ولا يكون ناجٍ ولا باقٍ لبقية يهوذا الآتين ليتغربوا هناك في أرض مصر ليرجعوا إلى أرض يهوذا التي يشتاقون إلى الرجوع لأجل السكن فيها لأنه لا يرجع منهم إلا المنفلتون" [10-14]. حين كانوا في يهوذا كانوا يطلبون الذهاب إلى مصر، وإذ جاءوا إلى مصر يشتهون العودة إلى يهوذا. في [13] يحدثهم عن معاقبة الذين يسكنون في مصر، هنا يشير إلى الحملة التأديبية التي قادها نبوخذنصر عام 568/567 ق.م.، حتى في عقاب البقية العاصية سوف يسمح الله لقليلٍ من الناجين بالتسرب إلى يهوذا وبذلك يسمح بالاتصال بين الشعب والأرض. الذين أطاعوا الله وسلموا أنفسهم للتأديب وذهبوا إلى بابل، لم يسقطوا هناك في العبادة الوثنية، لذا يرجعون إلى يهوذا، إنهم التين الجيد (ص 24، 29). أما الذين عصوا المشورة الإلهية وجاءوا إلى مصر، فإنهم وإن كانوا يشتهون العودة إلى يهوذا لكنهم يهلكون في مصر، ليس بسبب عصيانهم فحسب، وإنما بسبب عدم توبتهم، إذ عوض الرجوع إلى الله اشتركوا في عبادة الأوثان وبرروا أنفسهم في ممارستها هؤلاء هم التين الرديء جدًا. لن يعود إلى يهوذا إلا قلة قليلة جدًا، هذه التي حُملت إلى مصر قسرًا. هؤلاء يهربون من مصر قبل مجيء الكلدانيين. |
|