اللقاء على طريق دمشق
+ وذات صباح، وبعد ستة شهور من استشهاد أول الكارزين استفانوس، خرج شاول مع جماعته قاصدًا إلى دمشق. كان أمامه مائة وخمسين ميلًا على الطريق الذي يحمل الكثير من الذكريات. فقد سار عليه نعمان السرياني (2ملوك 5: 1-14)، ومن قبله أليعازر وكيل إبراهيم (تكوين 24: 1-10). وبالإضافة فهو طريق يمتد وسط جمال مدهش من الطبيعة. ولكن شاول لم يكن في حالة نفسية تمكنه من استعادة الذكريات ولا من الاستمتاع بالجمال الذي خلقه الله، إنه ذاهب لاصطياد أتباع الناصري، وكان قلبه محتدمًا بالغيظ.
+ ولكنه لم يكن يعلم أن صيادًا آخر سائر على الطريق عينه.
+ وكانت المسافة التي سيقطعها شاول تستغرق ستة أيام بلياليها. ستة أيام لا شغل فيها يشغله. وفي عمق أعماقه انتصب ضميره ليحاسبه.
+ أخيرًا وصل إلى قمة التل الذي يستطيع منها أن يرى دمشق. وفجأة. وفي رائعة النهار، ومن السماء، سطع مجد بهير يفوق ضياء الشمس وفي وسط بهاء هذا المجد رأى مسيح الرب. رآه رؤيا ظلت ملازمة له طيلة حياته. وسمع صوتًا ظل يرن في أذنيه مدى أيامه: "شاول، شاول، لماذا تضطهدني؟" -"من أنت يا رب؟"- "أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده". فصدّق شاول لساعته هذه الكلمات وآمن بها عن يقين. وفي رعدة ودهشة عظيمتين سقط على الأرض في تسليم كامل: "ماذا تريد يا رب أن أفعل؟" لقد اهتزّ كيانه كله لقد رأى يسوع المسيح رؤية العين وفي ملء يقظته.
أخيرًا ظفر به الصياد السماوي!
+ وهنا نقطة يجب أن نذكِّر أنفسنا بها باستمرار. فحين تحّدث في الأصحاح الجليل عن القيامة وعن الجسد الروحاني الذي سنلبسه- من أين أتى بفكرته عن الجسد الروحاني؟ إن المتمعن يدرك في الحال الصورة المرتسمة في ذهنه: إنها رؤياه ليسوع الممجد التي عرّفه بها - "هكَذَا أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضَعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ. يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ." (1كورنثوس 15: 42-44).
+ وثمة نقطة أخرى ذات أهمية خاصة هي احترام السيد المسيح للسلطان الذي منحه إياه لتلاميذه: إنه منحهم سلطان الحل والربط،وحين سأله شاول "ماذا تريدني يا رب أن أفعل؟"، أجابه: "اذهب إلى دمشق وهناك يقال لك ماذا ينبغي أن تفعل". فهو الذي منح السلطان ومع ذلك لم يقل لشاول بنفسه ماذا يفعل وإنما أرسل إليه حنانيا الرسول ليعلّمه وليصلي عليه ويعطيه الحل. وهذا درس يعطيه الرب: أن نحترم سلطان الكهنوت.