البعد التكوينى
+++++++++++
فرق بين الخادم "التلقينى" أى الذى يلقى العظات والمحاضرات على مخدوميه، دون أن يحرك فيهم روح الحوار والمشاركة والبحث والتفكير، وبين الخادم "التكوينى" الذى يجعل مخدوميه أناساً يتحملون المسئولية، وعندهم وعىّ، ويمكنهم المشاركة والمساهمة، بالتفكير والتنفيذ والإبداع.. وهكذا يسيرون فى طريق النمو.
إن السيد المسيح هو أعظم مثال للخادم التكوينى، فمع أنه الإله القادر على كل شئ إلا أنه أعد صفوفاً من التلاميذ والمساعدين، بدءاً من الأثنى عشر تلميذاً، إلى السبعين رسولاً، إلى الخمسمائة أخ الذين عاينوا قيامته وشهدوا لها، إلى المائة والعشرين اسماً الذين حل عليهم الروح القدس فى العلية، يوم الخمسين..
فما هى سمات الخادم التكوينى ؟ وما هى وسائله ؟
1- سمات الخادم التكوينى
يتسم الخادم التكوينى بسمات عديدة منها أنه :
1- لا يحس بالعصمة أو الأفضلية أو التميز.
2- يحترم إنسانية كل إنسان.
3- يؤمن بوجود مواهب لدى كل إنسان.
4- يكتشف الطاقات وينميها.
5- يشجع المجموعة على التعبير عن نفسها.
6- ويشجع الإبداع لدى كل شخص.
7- يؤمن بالعمل الجماعى.
أ- الخادم التكوينى لا يحس بالعصمة والتمييز :
فأنت لا تملك كل الحقيقة، أو كل الطاقات، أو كل المواهب، وليست أفضل من أحد لولا نعمة الله العاملة فيك، فلا تحس - إذن - بالعصمة أو التميز أو الأفضلية. ولذلك نجد أن أقوى سلاح تغلب به فى الخدمة هو الاتضاع، وإذا رفعت رأسك للسماء فرجليك لن تثبتا على الأرض، أى أن الكبرياء سوف تدفعك للسقوط، وإذا لم تكن ممن يقبلون النقد، فأنت فى ضعف وخطر، ولن تعرف أخطاءك أو سلبياتك، ولن تصححها.
إن موسى النبى، الذى لم يكتب سوى المزمور التسعين، قدر لنفسه أن يحيا 80 سنة على الأكثر.. قضى منها 40 سنة فى بيت فرعون، و 40 سنة أخرى فى البرية، وحين أعتقد أن حياته قد انتهت، دعاه الرب إلى عمل مجيد، أمضى فيه 40 سنة أخرى.
ب- يحترم إنسانية الإنسان :
لا يخدش مشاعر أى إنسان بسيط، بل يحترم كل إنسان. ولا يتهكم على أحد، بسبب ضعف جسدى أو ذهنى، أو عقلى فأنت سوف تكبر وقد تعانى من أمور كهذه.. أضحك معه ولا تضحك عليه، لأن الله خلقه على صورته ومثاله، وهو قطعة غالية فى قلب الله، وقد أحبه الرب وفداه، وأودعه وزنات وعطايا كثيرة.
ج- يؤمن بوجود مواهب لدى كل إنسان :
فلا يوجد إنسان ليس عنده مواهب. كل إنسان - مهما كان - لديه مواهب خاصة، أعطاها له الله، فمثلاً ليست الأمية الحرفية هى الأمية فقط، بل الأمية الثقافية أهم وأخطر، فكم من إنسان أمى فيه حكمة إلهية، وروح قيادة ممتازة. كل إنسان لديه مواهب ووزنات وطاقات، المهم أن نكتشفها وندعها تعمل.
د- يكتشف الطاقات وينميها :
لابد أن يكون هناك تخريج للصفوف المتتالية من الخدام، فالله يرفض الخادم الأوحد، المعتز بنفسه ولا يعطى فرصة للآخرين.
إذن فلنكتشف الطاقات ونسعى لتنميتها، وهذا يأتى من العمل، والخدمة، والتعبير عن النفس، وبدون هذا لا يمكن إكتشاف الطاقات،
ولا استثمار الوزنات الكامنة لدى كل إنسان.
هـ- يشجع على حرية التعبير :
فالكلام فى اتجاه واحد خطير.. ولابد أن يكون الخادم متقنا فن الاستماع. أترك المخدوم يعبر عن نفسه ولا ترده أو تمنعه، فالتشجيع على التعبير مهم، إذ يجعلك تعرف ظروفه، وتساؤلاته، وهمومه، وطاقاته، ووزناته، ومستواه الروحى... الخ.
و- يشجع على الإبداع :
إذ أن القائد الفعال يعرف أن هناك طاقات مبدعة لدى أفراد مجموعته، ويعمل على أن يظهر الجوهر الخصوصى لكل عضو، حتى تستفيد المجموعة بمواهب أفرادها. وكمثال على ذلك ما تقيمه الكشافة من مسابقات مثل: المسامر، الموسيقى، الصحفى، القصاص، المتحدث، الفنان، قراءة الشاعر. وذلك لاكتشاف وإنماء مهارات وطاقات الأعضاء، واثراء الجماعة.
ى- يؤمن بالعمل الجماعى :
إذ يشيع القائد مناخاً جماعياً يشجع على الابتكار، وعلى التعاون والتفاعل معاً، فالكل - كما نعلم - أكبر من مجموع الأجزاء، والعمل الجماعى ينتج لنا طاقات جديدة ومتجددة، أنه لن يعتمد على شخص واحد، بل على "جهاز" من الخدام.
2- وسائل الخادم التكوينى
يستخدم الخادم التكوينى وسائل كثيرة منها :
1- الحوار. 2- التعلم بالممارسة.
3- المشاركة. 4- التعلم بالالتقاط.
5- مجموعات العمل.
أ- الحوار :
وهو "لغة العصر" والوسيلة الوحيدة لإنماء الإنسان، منذ الطفولة، وإلى نهاية العمر، لأنه يقوم على الأخذ والعطاء، الانفعال والتفاعل، القبول والرفض.
والحوار يؤدى بنا إلى :
1- معرفة احتياجات السامعين. 2- معرفة طاقاتهم.
3- الوصول إلى قناعات مشتركة. 4- الوصول إلى قرار سليم.
5- يجعل الخدام يساهمون بإيجابية فى تنفيذ القرار المتفق عليه.
6- معرفة مشاكل المجموعة والأفراد؟
7- الانتباه إذ يستخدمون حواس عديدة كالسمع والنظر والنطق، بعكس المحاضرة ذات الاتجاه الواحد.
ب- التعلم بالممارسة :
لأن ممارسة الشىء، أقوى وسائل التعليم... وذلك مثل: القداس التعليمى، زيارة الأديرة لمعرفة أساسيات الرهبنة، الشماسية، والتسبحة. حين يمارس الإنسان الخدمة عملياً سوف يتعلم الكثير فعلاً.
ج- المشاركة :
أى أن يشترك أعضاء المجموعة فى صنع الدرس، وقيادة الاجتماع، لكى يتحول كل شاب إلى جزء من الاجتماع، فيرفض الخروج خارج الكنيسة، بل يكون له دور إيجابى فى العمل.
إن الاشتراك فى صنع الاجتماع، يجعل كل عضو جزءاً حياً، يتمتع روحياً ونفسياً واجتماعياً بالانتماء إلى هذا الاجتماع، وإلى الكنيسة، والرب يسوع.
د- التعلم بالالتقاط :
ومعناه أن تكون قدوة، فيتعلم أعضاء المجموعة من تصرفاتك، وسلوكياتك، أكثر مما يتعلمون من كلامك وتعاليمك. حتى أسلوب الخدمة وروحها، سوف يلتقطونها منك.
هـ- مجموعات العمل :
حتى يتحول الاجتماع إلى مجموعات عمل وذلك يؤدى إلى: التعارف، اكتشاف المواهب، الخجول يتكلم، الاقتناع بما يقوله أحد زملائه، وصول المخدوم إلى الحقيقة بنفسه، تدريب قادة جدد