|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العيون المتعالية إنها عيون المتكبرين إذ يتشامخ الإنسان على إخوته عِوض أن يتطلع إليهم بنظرات العطف والحنو والشوق إلى العطاء. هذه هي أول الأمور التي يبغضها الله، وقد سقط الشيطان في هذه الخطية (إش13:14، 14). وهو لا يكف عن أن يحث كل إنسانٍ لكي يدعي الألوهية ولا يتكل على الله، ظانًا أنه غير محتاج إليه. لهذا يقول الرب لأيوب: "أنظر إلى كل متعظم وذلّلهُ، ودُس الأشرار في مكانهم" (أي12:40). ويصرخ داود النبي: "يا رب لم يرتفع قلبي، ولم تستعل عيناي، ولم أسلك في العظائم التي هي أعلى مني" (مز1:131). ويقول الله في إشعياء: "إلى هذا أنظر، إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي" (إش2:66). * لا يوجد خطأ ما يحطم كل الفضائل ويسلبها، ويعري الإنسان من كل برّ وقداسة، مثل شر الكبرياء، الذي يشبه وباءً خطيرًا يهاجم الإنسان بكليته، ولا يقتنع بإتلاف جزء منه أو عضوٍ واحدٍ، إنما يتلف الجسم كله بتأثيره المميت. يجتهد الكبرياء أن يطرح الإنسان بسقوط مهلك، ويحطم في الحال الذين وصلوا إلى قمة الفضائل. بالنسبة لأي خطأ آخر يكتفي أن يسبب في الداخل جرحًا في حدودٍ معينة، فإن كان يقاوم بعض الفضائل، لكنه يتجه أساسًا ضد فضيلة واحدة فقط ويهاجمها بصفة خاصة. لكي أوضح قصديفإن الشراهة وشهوات البطن والأطباق الشهية (اللذيذة) تحطم فضيلة العفة (ضبط النفس). والجشع والطمع يشينا أو يعيبا الطهارة أو النقاوة. والغضب يقضي على الصبر. لذلك فالإنسان الذي يكون مستعبدًا لإحدى هذه الخطايا تنقصه بعض الفضائل... فالشخص ببساطة يُحرم من واحدة من الفضائل عندما يذعن أو يخضع للرذيلة (أو الإثم) التي تقاومه بإغراءاتها، لكنه يستطيع الحفاظ على فضائله الأخرى. لكن عندما تملك هذه الرذيلة مرة على نفسٍ بائسة، فإنها تشبه بعض الوحوش المفترسة (الكاسرة) التي تهدم القلعة السامية للفضيلة، وتحطم المدينة بالكلية وتهدمها، فتقوم الرذائل على هدم حصون القداسة وإرباكها معًا. إن نير العبودية للكبرياء قاسٍ ومؤلم، وبواسطة قساوته الممزِقة يجرد النفس ويقهر كل قوة للفضيلة. القديس يوحنا كاسيان |
|