|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من شريعة سيناء إلى شريعة يسوع (متى 5- 7) ......قيل لكم أما أنا فأقول لكم الأب بولس الفغالي مقدمة إنجيل متى هو إنجيل الكنيسة (الجماعة المؤمنة) كما يظهر لنا في الفصول 16- 17- 18. هذا الإنجيل هو المذكر الدائم للكنيسة. كُتِبَ في السنة 85 بعد الميلاد. كان عند اليهود الكثير من الوصايا تقريباً 613 وصية. لذالك سألوا يسوع عن الوصية الأعظم بين الوصايا, عندها أجابهم يسوع أحب الله من كل قلبك وأحب قريبك كحبكَ لنفسك. إنجيل متى هو الوحيد الذي يعطي صورة واضحة عن سر المعمودية كما يوضح لنا كيف يكون سر التوبة في الفصل (9) الآية (2). كيف كانت التوبة في عهد متى. متى هوَّ أول من كتب للعالم اليهودي (أنطلق مما هو موجود). نجد في إنجيله (5) وعظات, وهنا تبرز مقارنة جميلة فكما أن موسى لديه (5) كتب كذلك متى لديه (5) وعظات. - العظة الأولى: (وعظة الجبل) مثلما كان موسى على الجبل, جبل سيناء, وتسلم كلام الله (الكلمات العشر). كذلك يسوع وقف على الجبل, لم يذكر الجبل سواء أكان جبل أورشليم أو سيناء أو الجبل الأخير جبل الإنجيل. - العظة الثانية: (الفصل 10) لدينا هنا إنجيل الرسالة (يسوع يرسل تلاميذه, ويعطي أعظم وصاياه). - العظة الثالثة: (سر الله) أو تدعى أيضاً أسرار الملكوت وهي موجودة في الفصل (13). وقد طرحت من قبل يسوع بأسلوب الأمثال, انطلاقا من مبدأ أن الفكرة الغير المنظورة يجب أن تصبح منظورة ولا تصبح الأمور أوضح إلا إذا كان الإنسان مستعد تماماً ليدخل في المثل وفي السر. - العظة الرابعة: (عظة الجماعة المسيحية) وهي موجودة في الفصل (18). - العظة الخامسة: (وعظة النهاية) ليس نهاية العالم. بل يتكلم عن نهاية عالم (بدون أل التعريف) وهي موجودة في الفصلين 24- 25. دمار أورشليم كان أساس هام لبداية الكنيسة (75 م). وعند دمار الهيكل بدأ تحرر المسيحية من اليهودية ومن الشريعة القديمة.
يقول القديس بولس أو المدرسة البولسية في الرسالة إلى العبرانيين: في الشريعة القديمة كانت تقدم 1000 أو حتى 2000 ذبيحة لله ولكن لماذا هذا العدد الكبير من الذبائح فيسوع ذبيحة واحدة, من حيث أنه مات مرةً واحدة, ولكنه عن كل الذبائح الأخرى. ولماذا كِثرَتْ الكهنة (24000 كاهن في العهد القديم لخدمة الله) خصوصاً أن الكاهن المسكين هو مجبر أن يقدم ذبيحة عن نفسه وعن الآخرين, أما يسوع فليس بحاجة إلى أن يقدم ذبيحة عن نفسه بل فقط عنا لذلك قدم نفسه كذبيحة. كما أن يسوع تألم معنا وبكى معنا ولم يستحي بنا. لم يستطع المسيحيون أن يتخلوا عن هذه الأشياء (كِثرَتْ الكهنة والذبائح) إلى أن انتهى العالم بدمار أورشليم عندها فقط أدركوا أنه ما من رجوعٍ إلى الوراء أبداً. لذلك علينا أن نقرأ إنجيلنا اليوم بهذه الطريقة طريقة الإنسان الجديد حتى نستطيع أن نرى كم هناك من العادات والتقاليد التي تقيدنا وتَحُدنا. مثلاً هناك سؤال كثيراً ما يُطرَحُ على الكهنة اليوم: أبونا ما قدرنا نقدس بالأربعين فينا نقدس بالخمسة والثلاثين؟ العظة الأولى: (العظة على الجبل: 5- 6- 7) هذه العظة تعطينا أولاً دستور المسيحية. ليست العظة كلها دستور بل فقط القسم الأول منها (بدايتها). الطوبى أو هنيئاً أو ما أسعد هذه الكلمات هي دستور المسيحية فإذا كنا نعيش هذه التطويبات فهذا يعني أننا نعيش الإنجيل لأن الإنجيل ككل هو هذه التطويبات. التطويبات تعني أتريد أن تبحث عن السعادة هذه هي السعادة. هذه التطويبات أو هذه السعادة قد قلبت كل المفاهيم. إنجيل متى يقول تماماً: طوبى للمساكين بالروح يعني طوبى لمن هم ليسوا متعلقين بشيءٍ أبداً لا بالبشر ولا بالمال ومثلما يقول المزمور: الاعتصام بالله خيرٌ من الاعتصام بالبشر أو حتى بالعظماء. لوقا أيضاً لا يمجد الفقراء وعندما يتكلم عن هؤلاء الفقراء فهو يقصد الأشخاص الذين أصبحوا فقراء لأنهم جُردوا وحرموا من أموالهم لأنهم مسيحيون لذلك يقول لهم لوقا هنيئاً لكم. وكونه أصبح هناك فقراء هذا يعني أن هناك أشخاصٌ آخرون اغتنوا. في التقليد السرياني مثلاًً, يقول (الشاه إيران) ليعقوب المقطع: أنكر إيمانك فأعطيك مالاً وأرفعُكَ كثيراً وقَبِلَ يعقوب ذلك واغتنى ولكنه ووجِهَ بامرأته وأمه فارتد. هنيئاً للودعاء لا تعني أن يذلني الناس. هنيئاً للجياع والعِطاش إلى البر, العطش ليس إلى الخبز والماء بل إلى كلمة الله. وكلمة البر تعني دائماً العمل بوصايا الله ومشيئته ولذلك نقول عن يوسف خِطّيب مريم أنه كان باراً. طوبى للرحماء, فنحن في عالمٍ القتل والتدمير والخراب لذلك نحن بحاجة شديدة إلى الرحمةِ والرحماء. إذاً هذا القسم الأول الصغير من العظة يخبرنا كيف يكون المسيحي الحقيقي ونحن ممنوعون من أن نكون كالآخرين في كل شيء. فإذا عشنا هكذا نستطيع أن نكون ملحاً ونوراً أما إذا لم نفعل أي لم نعش بحسب التطويبات فنحن لسنا ملحاً يطيب الطعام وإذا لم نكن محبة ولم يتجسد الإنجيل فينا فحن لسنا نور. في القسم الثاني من العظة هناك مقابلة بين الشريعة القديمة والشريعة الجديدة. المسيح لم يلغي الشريعة القديمة, يسوع لا يلغي شيء أبداً بل يصححه فقط وإلا فإذا كان هناك شخصٌ معاق مثلاً فإن يسوع يلغيه. علينا أن نأخذ مبدأ في تفكيرنا أن لا شيءَ يُلغى, يقول لنا مار بولس: "كلُّ شيءٍ لكم شرطَ أن تكونوا للمسيح". فيسوع صحح الشريعة القديمة وكملها أي أعطاها كمالها. الشريعة القديمة مثلاً تقول لا تقتل أما يسوع فلم يقل فقط لا تقتل بل أعطاها كمالها قائلاً كل من قال كلمةً باطلة على أخيه فقد قتله وكل من يغضب على أخيه فهو يقتله. وهنا نرى يسوع يقول: قيل لكم (أي موسى) أما أنا فأقول لكم. لباس الكهنة الذي يرتديه الكهنة اليوم في الاحتفال بالذبيحة الإلهية هو نفسه في العهد القديم كما نرى في سفر اللاويين. ولكن الكهنة اليوم ليسوا كهنة العهد القديم كما يُفترض. يسوع في كل مرة كان يتكلم كان يعمق الشريعة ويفتحها فكل شريعة مغلقة هيَّ ضد الشريعة لذلك كان يقال اللاتيني: أفضل وأكبر شريعة هيَّ أكثرها ظلم. إذا من الممنوع أن نقول مثلاً: الشريعة هكذا تقول وأنا سأعمل تماماً وبالحرف مثلما تقول الشريعة لأنه عندها سنتحول إلى مجرد أجهزة تحكم. يقول لنا يسوع هنا جملة رائعة وهامة جداً هي: " إذا كان بركم لا يفوق برَّ معلمي الشريعة والفريسيين فلن تدخلوا ملكوت السموات". الشريعة القديمة كانت تقول عينٌ بعين وسنٌ بسن, ونحن حياتياً لا نزال نؤمن بنفس الشريعة القديمة. لكن في الحقيقة موسى يقصد القول بهذه الجملة أنه إذا أحدٌ ما, مثلاً, خلع لكَ سنك فاخلع لهُ سنه لا له كل فمه أو قلع لكَ عينك فاقلع له عينه لا رأسهُ. وفي الحقيقة هذا ما نفعله نحن إذ أننا عملياً مازلنا على مستوى العين بالعين والسن بالسن. هناك جملة نحن لا نفهمها اليوم هيَّ: (من ضربكَ على خدكَ الأيمن فحول له الأيسر) هذا لا يعني أن ندير له خدنا الآخر بل يعني من عاملك بالعنف فحاول معاملته باللطف. ولدينا مثل رائع عن ذلك بيسوع المسيح في إنجيل يوحنا: عندما صفعه خادم رئيس الكهنة رد عليه يسوع, فيسوع لا يريدنا أن نكون خانعين, فلو خاف الرسل في بداية رسالتهم لكانت المسيحية اليوم تقتص على بضعة أشخاصٍ أو جماعات ولكانت الكنيسة قد انتهت حتى قبل أن تبدأ. يسوع لم يتحدث عن الأصنام والآلهة المتعددة لأنه لم يكن هناك سوى الإله الواحد في زمنهِ بل حتى كان من الممنوع على اليهود ذكر أسم الله (أي يهوه) بل كان يقال السيد أو السماء. لذلك عندما نقول, مثلاً, أبانا الذي في السماء فهذا يعني أبانا أنت يا الله. فيسوع تكلم بشكل أساسي عن الوصايا الثلاث الأولى. من ثمَ يُعطي يسوع القاعدة للممارسات اليهودية التي انتقلت تلقائياً إلى المسيحية والإسلام أيضاً: الصدقة, الصلاة, والصوم. أنت تريد أن تعمل للناس تأخذ أجركَ من الناس, أنت تريد أن يراك الناس إذاً خذ أجركَ من الناس. كل ما نعمله لكي يرانا الناس هوَّ ضياعٌ للوقت بينما مع الرب فكل شيء يجب أن يتم في الخفية, إن أعطينا فبالخفية, إن صلينا فبالخفية, وإن صمنا فأيضاً بالخفية. فإن رآنا الناس نقوم بذلك فليكن ولكن لا يكن هدفنا ذلك. الحركات الخارجية ليست دائماً دليلاً على الإيمان. كما يقول المثل, الأفراح الكبرى في الداخل والأحزان الكبرى في الداخل والمحبة الكبرى أيضاً في الداخل. البساطة هي أهم شيء في الحياة المسيحية, عندما سؤلَ توما الأكويني: من أين أتيت بكل هذا العلم من أرسطو؟ قال لا بل هذا الصليب هوَّ معلمي. ثم يختم متى فصلهُ بصورة الشجرة والثمرة وينهي كل هذا بالحديث عن البناء. عندما أقول أنا مسيحي فيجب أن أسأل نفسي ما الثمرة التي أملكها, لأن الشجرة تُعرف بثمرها. في القسم الثاني من الإنجيل أي الفصلين 8- 9 لدينا (10) عظات. متى هوَّ أكبر معلم لأنه يعلم مؤمنين, هوَ يعلم تعليم مسيحي. يقول لنا يوحنا: لو أردنا أن نحصي كل العظات التي قالها يسوع فكل الدنيا لن تتسع. لذل أختار متى (10) عظات وكل عظة فيها تعليم. الأبرص: من خلاله يظهر حنان الرب يسوع. علينا أن ننتبه هنا أن الأبرص ليس هوَّ من أتى ليسوع أولاً بل يسوع هو الذي ذهب إلى الأبرص في الغابة, فيسوع هو دائماً المبادر. من المعروف أنه في ذلك الوقت كان البرص يعيشون بعيداً عن بقية الناس الأصحاء لذلك كان من المستحيل أن يأتي الأبرص إلى يسوع أولاً. حماة بطرس: دائماً المرأة تدل على الكنيسة (قامت تخدمهم). عظمة متى أنه لا يترك أي أشخاص جانبيين أبداً مثلاً إذا قرأنا مرقس نجد: "قالوا له حماة بطرس ..." أما عند متى فهناك يسوع والحماة فقط هوَّ وهيَّ. في المخلع أيضاً يسوع والمخلع فقط. لذلك دائماً عندما نقرأ متى نشعر أن أفكارنا مرتبة وأننا أمام يسوع فإما نقول نعم أو لا. العاصفة: إذا كان لدينا إيمان لا نخاف وإذا كنا نخاف فليس لدينا إيمان. طرد الشياطين: يسوع المسيح فتح الطريق إلى العالم الوثني. الشيطان يدل على عالم الشر فأنزلهُ في الماء أي أعاده إلى أصله. الكسيح: التعليم الأول يقول أن يسوع يغفر الخطايا ويشفي المرضى ولكن التعليم الأساسي هو: أعطى البشر مثل هذا السلطان. دعوة متى- الصوم. إحياء صبية بنت يائيروس: صبية عمرها 12 سنة ستموت وكذلك امرأة نازفة منذ 12 سنة لا تستطيع الإنجاب. منابع الحياة ماتت. ماذا فعل يسوع؟ أعاد ينبوع الحياة: النازفة شفيت فأصبحت قادرة على إنجاب الأولاد, والصبية الصغيرة أصبح بإمكانها الزواج. رقم (12) هوَّ رقم الكمال. الأعميان: يا ابن داوود أرحمني. أعميان لأنه عند متى حتى تكون الشهادة مقبولة يجب أن يكون هناك شاهدين. وأخيراً الأخرس: آخر عجيبتان هامتان جداً فيسوع لم يكن يشفي أعميان بل يقول لهم أيضاً أنتم عميان لا ترون وأنت أخرس لست تتكلم بكلمة يسوع. هذه هي أول عظة وقد ربطناها بأعمال يسوع. الفصل 10: (خطبة الإرسال) يسوع أرسل تلاميذه وقال لهم أنتم كالفرسان سريعون لذلك لا تتعلقوا بشيءٍ أبداً لأنه أمامكم طريق. اذهبوا إلى القرى والمدن ولكن انتبهوا أنا لن أكذبَ عليكم سوف تضطهدون. أنتم ستقلبون العالم كله كما سبق وبدأت أفعل فلا تتوقعوا أن يترككم الناس بشأنكم ويرضوا بكم. نحن تعودنا أن نقرأ الإنجيل ولكن من وقتٍ لآخر علينا أن نشعُرَ بهذا الإنجيل وكأنه سيف. إذاً أيها التلاميذ العالم سيضطهدكم وهناك موقفين إما الاعتراف أو الإنكار وهنا أيضاً تصح المقولة: عينٌ بعين وسنٌ بسن فإن عرفتموني عرفتكم وإن لم تعرفوني فلا أعرفكم وأنكركم أمام أبي. لكن العظمة هنا, أن يسوع الذي أرسل التلاميذ إلى الرسالة ذهب قبلهم ليكون مثالاً لهم, وهكذا حتى نهاية الفصل 12 يسوع هو المثال أمام التلاميذ خصوصاً في العلاقة مع اليهود. لذلك على الكهنة والرهبان والراهبات أن ينتبهوا أنه من الممنوع العمل بكبرياء أو استبداد أو كصاحب سلطة فبقدر ما نكون ضعفاء نكون أقوياء. خاتمة هنا نقرأ نص جميل جداً يمكن لكل شخص يحمل مسؤولية أن يتأمل فيه: "هوذا فتايَّ الذي اخترتهُ, حبيبي الذي بهِ رضيت, أّفيضُ روحي عليه فيعلن للشعوب إرادتي. لا يخاصمُ ولا يصيحُ وفي الشوارع لا يسمعُ أحدٌ صوتَهُ, قصبةً مرضوضة لا يكسرْ, شعلةً ذابلة لا يُطفئ, يُثابرُ حتى تنتصر إرادتي, عندها على اسمهِ يكون رجاء الشعوب." (متى 18:12- 21). هكذا يجب أن يكون الرسول يقول لنا يسوع |
|