|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحية المرفوعة قال السيد المسيح فى شرحه لنيقوديموس: “وكما رفع موسى الحيّة فى البرية، هكذا ينبغى أن يُرفع ابن الانسان. لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يو3: 14، 15). كان نيقوديموس من قيادات اليهود فى ذلك الزمان ومعلّم لإسرائيل (انظر يو3: 10). وكان ينبغى أن يربط له السيد المسيح ما ورد فى التوراة برسالة الإنجيل وعمل الفداء والخلاص. بدأ السيد المسيح يشرح لنيقوديموس مغزى الحيّة التى رفعها موسى فى البرية حينما أخطأ الشعب إلى الله، وأطلق عليهم الحيّات السامة فلدغتهم وقتلت منهم الآلاف، وصرخ موسى إلى الرب فأمره بأن يعمل حيّة نحاسية ويرفعها على سارية، وكل من لدغته الحيّات وينظر إلى هذه الحية النحاسية يبرأ من لدغ الحيّات. إن إبليس هو الملقّب بلقب “الحية القديمة”، لأنه فى الفردوس اختفى فى الحية التى هى أحيل حيوانات البرية وأسقط آدم مع حواء، وبهذا دخل الموت إلى العالم. وبذلك أصبحت الحيّة رمزاً لغواية إبليس ورمزاً للخطية والموت. وحينما جاء السيد المسيح إلى العالم لأجل خلاص البشرية، ليحمل خطايا جميع من ناب عنهم ولكى يموت عوضاً عنهم ويرفع عنهم الدين، فإنه قد سمّر خطايانا على الخشبة. أى أن الحية المرفوعة فى البرية هى إشارة واضحة إلى الخطايا التى حملها السيد المسيح فوق الصليب مسمّراً إياها بالخشبة. لقد صعد السيد المسيح إلى الصليب حاملاً الحية مسمّراً إياها بالصليب، ثم نزل من على الصليب بعد قبوله الموت فداءً عنا تاركاً الحية مسمّرة هناك. فكل من ينظر إلى الصليب يرى الخطية وهى مدانة “فالله إذ أرسل ابنه فى شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية فى الجسد” (رو8: 3). كل من ينظر إلى الصليب ويؤمن بأن الرب المسيح قد دفع عنه دين خطاياه يستحق أن يبرأ من سم الحيّات، أى أن يبرأ من خطاياه فى المعمودية أو فى سرى الاعتراف والتناول إذا كان من الذين قد نالوا العماد بالمسيح. إن العجيب فى الأمر أن ترمز الحية المرفوعة إلى صليب السيد المسيح الذى كان هو نفسه بلا خطية وحده. ولكن هكذا يقول الكتاب إن الله قد “جعل الذى لم يعرف خطية؛ خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه” (2كو5: 21). أى أن الرب المسيح قد أخذ الذى لنا وأعطانا الذى له. أخذ الخطايا وحملها وحمل عارها لكى نلبس نحن بره “لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح” (غل3: 27). صارت الحيّة المرفوعة ترمز إلى المسيح المصلوب.. وصارت عصا الرعاية فى البرية -التى تحوّلت فى يد موسى إلى حيّة وابتلعت حيّات سحرة فرعون- هى نفسها الوسيلة التى ضرب بها موسى البحر الأحمر وشق مياهه لعبور المفديين. ولهذا يحمل الأسقف عصا الرعاية فى صورة حيّة نحاسية مرفوعة ترمز إلى صليب المسيح حيث قَتل السيدُ الموتَ بموته مسمراً خطايانا بالصليب. لقد أشهر السيد المسيح الشيطان وأدان الخطية بالصليب “إذ جرّد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافراً بهم فيه (أى فى الصليب)” (كو2: 15). إن ارتفاع السيد المسيح على الصليب هو إعلان للجميع أنه هو الطريق المؤدى إلى السماء وهو إعلان للجميع أن الخطية قد دينت، وأن اللعنة قد أزيلت، وأن الموت قد مات. ما أجمل اللحن الذى يُقال فى قداس القديس يوحنا ذهبى الفم عن الرب المسيح وموته المحيى على الصليب: [ عندما انحدرت إلى الموت أيها الحياة الذى لا يموت. حينئذ أمت الجحيم ببرق لاهوتك. وعندما أقمت الأموات من تحت الثرى، صرخ نحوك جميع القوات السماويين: أيها المسيح الإله معطى الحياة، المجد لك ]. إن قيامة السيد المسيح من الأموات، هى استعلان لحقيقة أنه قد داس الموت بالموت. أى أن الموت الذى سحقه السيد المسيح بموته على الصليب لم يكن ممكناً أن يمسكه لأنه قد انهزم منه، حتى أن النبى تغنى قائلاً: “أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية. ابتلع الموت إلى غلبة” (انظر هو13: 14، 1كو15: 55، 54). إن كان السيد المسيح قد قبِل الموت بنعمة الله نيابة عنّا، فإنه قد انتصر لنا.. ولهذا صرخ فى لحظة موته على الصليب “يا أبتاه فى يديك أستودع روحى” (لو23: 46). إنها صرخة الانتصار نيابة عن الإنسان الذى غاب طويلاً عن يدى الآب، إذ كان تحت سلطان موت الخطية كما أوضح معلمنا بولس الرسول عما فعله الرب المسيح للبشرية المفتداه “فإذ قد تشارك الأولاد فى اللحم والدم، اشترك هو أيضاً كذلك فيهما لكى يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت أى إبليس. ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية” (عب2: 14، 15). كما أن القديس أثناسيوس الرسولى قد عبّر عن هذه الحقائق بكلماته الرائعة فى كتاب “تجسّد الكلمة” كما يلى: [ وهكذا إذ أخذ من أجسادنا جسداً مماثلاً لطبيعتنا، وإذ كان الجميع تحت قصاص فساد الموت، فقد بذل جسده للموت عوضاً عن الجميع، وقدّمه للآب. كل هذا فعله شفقة منه علينا، وذلك (أولاً) لكى يبطل الناموس الذى كان يقضى بهلاك البشر، إذ مات الكل فيه، لأن سلطانه قد أكمل فى جسد الرب ولا يعود ينشب أظفاره فى البشر الذين ناب عنهم. (ثانياً) لكى يعيد البشر إلى عدم الفساد بعد أن انحدروا إلى الفساد، ويحييهم من الموت بجسده وبنعمة القيامة، وينقذهم من الموت (يبيد الموت عنهم)، كإنقاذ القش من النار ] (الفصل الثامن- الفقرة رقم 4). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
العيون المرفوعة للسما |
يسوع المسيح هو الذي سحق رأس الحية(الحية القديمة أي الشيطان) |
أن الحية النحاسية كانت على شبه الحية التي سبَّبت الموت |
يد مارمينا المرفوعة |
يد مارمينا المرفوعة تعلمنا |