|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مجمع أفسس المسكوني ينفض لم يعط هذا الخطاب انطباعًا يفوق مجهوداتهم السابقة(1). لكن على النقيض، فإن الإمبراطور وضع نفسه بأكثر تأكيد عن ذي قبل مع الطرف الأرثوذكسي. وبعدما ساموا أسقفًا للقسطنطينية بحسب أوامره، وهو مكسيميان الكاهن في هذه الكنيسة(2)، فقد أصدر مرسومًا إلى مجمع أفسس، تحت عنوان يفهم منه أنه لا يظن أن هناك طرفين بعد، كما كان يحدث من قبل، إنما فقط جماعة الأرثوذكس. لكنه لم يعالج حتى هذا الأمر بطريقة ودية، كما أنه لم يخف تكدره بسبب إجهاض خطته للوحدة. فيقول : "حيث إنه لم يمكن استمالتكم للاتحاد مع الأنطاكيين، وبالإضافة إلى ذلك، لا تشتركون في أية مناقشة على نقاط الاختلاف معهم، فإنني آمر الأساقفة الشرقيين بالعودة إلى كنائسهم، وأن ينفَّض مجمع أفسس. ويعود كيرلس أيضًا إلى الإسكندرية (إلى إيبارشيته) ويبقى ممنون أسقفًا لأفسس. وفي نفس الوقت، نعرفكم أنه طالما نحن على قيد الحياة، فإننا لن ندين الشرقيين (الأنطاكيين) لأنهم لم يفنَّدوا في حضورنا، ولا أحد ينازعهم. بل إذا رغبتم في سلام الكنيسة (مع الشرقيين = الأنطاكيين)، أي إذا وصلتم إلى تفاهم معهم في أفسس، دعوني أعلم ذلك على الفور، أما إن لم تصلوا إلى أي تفاهم فعليكم أن تفكروا في العودة إلى أوطانكم. نحن لا نلام (لأن الوحدة لم تنجز) لكن الله يعلم من الذي يجب أن يشارك في اللوم"(3). هناك إضافة إلى هذا المرسوم الإمبراطوري في السينوديكون(4) Synodicon نُخطَر فيها بأنه قد تم إطلاق كيرلس من الحبس، حتى قبل وصول هذا المرسوم، وأنه انطلق في طريق العودة إلى الإسكندرية. من الاقتباس السابق الوحيد لتبادل المعلومات بين الجانب الأرثوذكسي، نعلم أن كيرلس وصل إلى الإسكندرية في 30 أكتوبر عام 431م واستقبل بفرح عظيم. بالإضافة إلى ذلك، فقد فرح أيضًا بعد ذلك بفترة وجيزة، بخطاب وِدِّي من أسقف القسطنطينية الجديد(5). أما مندوبو الأنطاكيين فيبدو أنهم لم يكونوا في عجلة للعودة من خلقيدونية إلى أوطانهم مثلما كان كيرلس. فعلى الأقل بعد إطلاق سراح كيرلس وممنون وبعد ظهور المرسوم الإمبراطوري الذي فض المجمع، جهزوا بيانًا جديدًا -وهو البيان الثالث والأخير- لأصدقائهم، وفيه يشيرون إلى كل ما حدث، ويعدون ببذل مجهودات أكثر من أجل نسطور، إذا كان هذا الأمر لازال ممكنًا. وقالوا إنه حتى الآن كل المساعي التي يبذلونها ظلت بلا نتيجة، لأن الجميع هنا لديهم تأثير سيئ لمجرد ذكر اسم نسطور. وفي نفس الوقت ذكروا كيف أنهم قدموا طلبات متكررة إلى الإمبراطور ليصرفهم وكل المجمع من أفسس، بسبب أن الطرف الموالى لكيرلس سعى لصيد الجميع بالعنف والمداهنة والرشوة(6). والبقاء لمدة أطول هناك هو بلا جدوى، حيث أن كيرلس (الطرف الموالى لكيرلس) يرفض بحزم أية مفاوضة. وأخيرًا، وبعد تحذيرات متكررة، صاغ الإمبراطور القرار بأنه يجب على الجميع أن يعودوا إلى أوطانهم، على أن يسترد كل من كيرلس وممنون وقاره. والآن يستطيع كيرلس أن يتصيد الجميع بواسطة هداياه، فيعود المخطئ إلى إيبارشيته، والبار يحبس في قلاية(7). قبل مغادرتهم لخلقيدونية مباشرة ألقى الأنطاكيون خطبًا للنساطرة الوافدين إليهم من القسطنطينية. هناك قصاصات لاثنين منها. الخطاب الأول هو لثيئودوريت أسقف قورش(8) فيه يشكو من أنهم، أي الأنطاكيين، قد منعوا من الذهاب إلى القسطنطينية بسبب ثباتهم في المسيح، لكن عوضًا عن ذلك فإن أورشليم السمائية تنتظرهم. وكان سامعوه قد عبروا من القسطنطينية فوق أمواج رعب بحر مرمرة Propontis (في خلقيدونية ينفتح مضيق البوسفور على بحر مرمرة) ليسمعوا صوته، لأنهم يؤمنون أنهم يرون فيه انعكاسًا لصوت راعيهم (نسطور). ثم تغالي في مديح نسطور، وأنزل الويلات على مضطهديه. واستمر يتحدث بحزن يحرك العاطفة عن عبارة الأرثوذكس أن "الله تألم" حيث وضعهم في مكانة أقل من الوثنيين(9). بعد ثيئودوريت تولى يوحنا بطريرك أنطاكية(10) الحديث ولدينا قصاصة لخطابه هذا، وفيه يحيى سامعيه، وفي نفس الوقت يودعهم ويحثهم على الثبات في الإيمان، ويؤكد لهم أنهم قد تحولوا من مجرد مؤمنين إلى معترفين. ويجب ألا يسمحوا لأنفسهم فيما بعد بأن يضلوا بفكرة أن الله قابل للألم، لأن الطبيعتين (في المسيح) اتحدتا ولكنهما لم يختلطا(11). يجب عليهم أن يتمسكوا بذلك والله سوف يكون معهم |
|