|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بالآلام والمشقات والخضوع تحت يد الله القوية نتعلَّم الطاعة وَقَالَ لِلْجَمِيــــــــــــــــــعِ: إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ v في واقع حياتنا الروحيةنجد أن التجارب النافعة – من جهة امتحان النفس – تُلازم كل مَن يتمسك بروح الرب سائراً في طريقه حسب الدعوة الإلهية التي أتت إليه وقت افتقاد النعمة المُخلِّصة لقلبه حسب التدبير، فشكل دعوة الرب تأتي دائماً بالخسارة في العالم (أترك – أخرج – بيع – أسهر – أعطي.. الخ)، وليس فيها أي ربح مادي أو راحة (من جهة الحياة الحاضرة حسب الجسد) في هذا العالم الحاضر الموضوع في الشرير (كما يدَّعون أصحاب إنجيل الرخاء والمشورة والتنمية البشرية)، فإبراهيم أب الآباء نفسه اُمتحن إيمانه بشدائد كثيرة متنوعة، فعُرِف قلبه الصالح، ففي البداية دُعي دعوة من الله فيها ترك وتخلي عن أهله وبيته وعشيرته والسير في طريق مجهول عنده، إذ أنه لا يعرف إلى أين يذهب، فلبى الدعوة – فوراً – بطاعة قلب آمن وأحب الله، تاركاً كل شيء وراءه دون أسف أو ندم أو تردد، لأننا لم نراه يتصارع مع نفسه ولا حتى تجادل مع الله ولا حتى فكر كيف يترك أسرته أو تساءل إلى أين يذهب، بل نفذ ما سمع لأنه تيقن من صوت الله الذي أراح قلبه وولد فيه أشواق روحية حارة، وحينما تقدم به الزمن امتحن الامتحان الأعظم حينما طالبه الله بتقديم ابنه وحيده الذي أتى في شيخوخته، وكرجل الله التقي، إنسان الله الصالح لم يعز ابنه (الذي أخذه بوعد وبعد طول زمان هذا مقداره) عن الرب الذي أعطاه له، فتزكى إيمانه، فصار خليل الله ودُعي أب الإيمان (لجميع الأجيال) عن جدارة، لأن تبعيته لله كانت غير مشروطة ولا مرتبطة لا بغنى ولا فقر ولا نسب ولا أولاد، بل ولا بشيء آخر سوى أن يفعل ما يُرضيه من أجل ثقة الحب وحده الذي كان يحمله في قلبه تجاه الله. v فامتحان الإيمان بالصعاب والآلام والضيقات الكثيرةهو تزكية للنفس التي تتقي الرب وتحبه، لأن طوبى لمن يعرف نفسه، لأن حياته تستقيم وسيره لا يعوج، ونتيجة هذه التجارب (أي امتحان الإيمان) هو اقتناء الإفراز ونوال نوعاً جديداً من السمو والرفعة للعلو السماوي، وتذوق خبرة ملكوت الله في داخل القلب على مستوى الواقع العملي المُعاش. v أكتب هذا إليكم الآن، كما كتبته سابقاً في موضوعات متنوعةمن أجل أن تدركوا أن التجارب – من جهة امتحان الإيمان – تأتي للمؤمنين بالمسيح، لا بسبب أي نقص فيهم أو عيب، بل لنموهم وارتقائهم ونقاوة قلبهم واستقامة مسيرتهم في طريق الحق والحياة، فإنه بغير نار آلام التجارب التي تواجه النفس في مسيرتها على الأرض، فهي لا تستطيع أن تصعد إلى موضع الرب خالقها، لأنه لن يُعاين أحد الرب وهو متردد في الطريق (ما بين أن يتقدم وأن يعود للوراء لأي سبب ما) وغير صريح في الإيمان، لأن من يُعاين الرب حسب إعلان الإنجيل هو الطاهر اليدين والنقي القلب والمملوء من روح القداسة، الذي تزكى إيمانه مثل إبراهيم أب الآباء، وقد ترك كل شيء من قلبه حتى نفسه صارت رخيصة عنده، لأن الجواهر الثمينة والخامات النفيسة تُمتحن بالنار وتتنقى وتصير أكثر بريقاً وأشد لمعاناً وأغلى ثمناً، أما القش والورق والخشب لا يحتملان النار الآكلة، مع أن كل منهما يحترق سريعاً أو بطيئاً حسب طبيعته، لكنهما جميعاً – في النهاية – لا يحتملان النار لأنها تأكلهما معاً. أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَسْتَمْسِكُ بِطَرِيقِهِ، وَالطَّاهِرُ الْيَدَيْنِ يَزْدَادُ قُوَّةً؛ مَنْ يَصْعَدُ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ وَمَنْ يَقُومُ فِي مَوْضِعِ قُدْسِهِ؟ اَلطَّاهِرُ الْيَدَيْنِ وَالنَّقِيُّ الْقَلْبِ، الَّذِي لَمْ يَحْمِلْ نَفْسَهُ إِلَى الْبَاطِلِ وَلاَ حَلَفَ كَذِباً. يَحْمِلُ بَرَكَةً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَبِرّاً مِنْ إِلَهِ خَلاَصِهِ. (أيوب 17: 9؛ مزمور 24: 3 – 5) v أما من جهة التجارب الشريرة(من جهة محاربة النفس بالخطايا والشرور والآثام وتذكارها) فهي ليست من الله إطلاقاً، فلاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ (تجربة شريرة أياً كان نوعها) إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، لأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَداً (يعقوب 1: 13)، فالله لا يتعامل مع الشر أبداً وفي المطلق، ولا يُجرب أو حتى يمتحن به أحداً، ولا ينبغي أن نقول أن الله سمح للشيطان أن يجربنا بالشرور، هذا خطأ عظيم لا ينبغي أن نقع في فخه ونُعلِّم به لأنه تعليم مشوش منقوص فيه اتهام صارخ لله بأنه مصدر من مصادر الشر حتى ولو كان مصدر ثانوي، حاشا بالطبع، لأن طبيعة قداسته ليس فيها شبه ظل شرّ، ولو حتى من بعيد جداً أو بطرق غير مباشرة حتى يفعل هذا الفعل المُشين الذي لا يتفق مع طبيعته إطلاقاً، لأن هَذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ (1يوحنا 1: 5) v لكن جميع التجارب الشريرة ومحاربة النفسبالخطايا والآثام والتأثر بها، تأتي عادةً بسبب علة خفية مدفونة في القلب، لأن الإنسان ينخدع من خطيئته وذكرياتها المريرة التي تحاول أن تشده إلى أسفل وترده لحياته القديمة: وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ (يعقوب 1: 14). ومع ذلك فأن حتى هذه التجارب التي ليست من الله ولا حتى بسماح منه، مُفيدة للنفس جداً أن وعتها من جهة معرفة حقيقة القلب وعلة النفس الداخلية، لأنها تدفع الإنسان دفعاً بانكسار وتواضع قلب، لكي ينهض ويجلس مطولاً في مخدعه، أمام كلمة الله الفاحصة للقلب والنفس والضمير وأفكار القلب ونياته، ليتضرع ويُناجي الله بالتوبة والإيمان بحمل الله رافع خطية العالم، ليُشفى من أوجاعه الداخلية ويتطهر من كل علل النفس الخفية المستترة، والتي تعطلها عن أن تنطلق في مسيرتها المقدسة لتُعاين مجد بهاء نور وجه الله الحي، لأن بدون القداسة لا يُعاين أحد الرب. v وحينما يقف الإنسان وقفه شجاعة (بمثابرة وتواضع) أمام هذه التجارب الشريرة،يقاوم إبليس بإيمانه الصريح بالمسيح الرب الذي يُقيم الميت ويعطي قوة شفاء للنفس حقيقي لكل من يطلبه من قلبه كطبيب صالح لحياته، ويرفض من قلبه الارتداد لعاداته القديمة بكل إصرار متمسكاً بكل طاقة فيه بالحياة مع الله، متوسلاً في الصلاة للرب وحده، طالباً بصراخ ودموع قلبه، بلجاجة، أن يعينه ويهبه قوة الانتصار، وحينما يواصل توسله وتضرعه بكل إخلاص ظاهر في صبره مع ثقة إيمان حي في الله أبيه الصالح في المسيح (بدون خوف أن يضيع إلى الأبد أو رعبة من غلبة الخطية لأن ثقته في الله أعظم من نفسه)، حينئذ يعطيه الرب غيرة التقوى الصالحة المملوءة سلاماً وتعقلاً ومثابرة، لأن الغيرة الأولى التي تبدأ في بداية علاقتنا مع الله، غالباً ما تكون غيرة عاطفية مندفعة، مضطربة غير متعقلة، كما نلاحظها في كلمات القديس بطرس الرسول حينما اندفع في الكلام وقال للمسيح: "يا رب إني مستعد أن امضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت" ولكن كانت غيرة أولى لم تنضبط بعد وفي النهاية أنكر. (أنظر لوقا 22: 33 – 34) v أما الغيرة الثانية الموهوبة من الله،تُعطى حينما ننتصر ونحن راسخين في الإيمان، متمسكين بالإنسان الجديد، رافضين كل ما هو قديم ومُذل للنفس، بل وكل ما يُسقطها من النعمة، وهي حالة أفضل من الحالة الأولى، تولِّد في الإنسان القدرة على رؤية الأمور الروحية بشكل سليم وصحيح عندما يجاهد بالنعمة المُعطاة لهُ من الله في معركته العظيمة، إذ يقاوم إبليس (لا بالمواجهة والتحدي كما يفعل البعض بحماسة نفسية غير سوية فيها كبرياء مستتر، بل بالرسوخ في الإيمان) صامداً في مخدعه أمام الله حتى ينال معونة القوة العُليا، التي تُعطيه الصبر العظيم ليصمد ولا يهتز حتى ينتصر فيدخل راحة الله العميقة. v فعلينا الآن يا إخوتيأن نسعى – بكل عزم ونشاط روحاني عظيم بلا هوادة أو كسل أو تراجع – لكي نقتني الغيرة الثانية حتى نثبت في كل سيرة صالحة وفق الوصية، لأن الغيرة التي يكون الرب موضعها تُبطل قوة الشهوة بل وتُلاشيها، وتُسقط كل أثارها السلبية في النفس والمدمرة لطاقتها الروحية، وتُزيل شيخوخة العجز التي للنفس الغير واعيه لخلاصها، وتجعل الإنسان هيكلاً للرب غيوراً في الأعمال الحسنة كما هو مكتوب: إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْباً؛ الذي بذل نفسه لأجلنا لكي يفدينا من كل إثم ويطهر لنفسه شعباً خاصاً غيوراً في أعمال حسنة. (2كورنثوس 6: 16؛ تيطس 2: 14) كونوا معافين في روح الوداعة والاتضاع الذي لشخص إلهنا وملكنا كلنا ربنا يسوع المسيح آمين |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الطاعة والخضوع أولاً، ثم النُصرة والتعويض بعد ذلك |
إتسمت أستير بروح الطاعة والخضوع |
من علامات إكرام الوالدين الطاعة والخضوع |
الطاعة والخضوع في البيت المسيحي : |
في الطاعة والخضوع |