عيد الغطاس المجيد
تحتفل الكنيسة بهذا العيد سنويًا تذكارًا لعماد الرب ولظهور سر مكتومًا منذ الدهور، واظهر بعماد المخلص.. وهذا السر هو سر الثالوث الأقدس الذي هو قاعدة إيماننا القديم وأساس الدين المسيحي المستقيم... ذلك فإن الابن الكلمة ظهر في الأردن متجسدًا وتعمد في الماء، والروح القدس ظهر بهيئة حمامة واستقر عليه، وصوت الأب نادى من السماء (هذا هو ابنى الحبيب الذي به سررت) (مت 3: 17) ولهذا يسمى عيد الظهور الإلهي أي ظهور هذا السر العظيم فيه... كما يسمى بالغطاس لأنه الرب اقتبل فيه العماد بالتغطيس بالإجماع.
و قد اتخذت الكنيسة الاحتفال به من الرسل أنفسهم بدليل ما جاء في أوامرهم وهو بنصه (فليكن عندكم جليلًا عيد الظهور الذي هو عيد الغطاس لأن الرب بدأ يظهر فيه لاهوته في المعمودية في الأردن من يوحنا واعملوه في يوم 6 (من الشهر العاشر العبرانيين 11 من الشهر الخامس (طوبة) للمصريين (دمشق 18)) (و لا تشتغلوا في عيد الحميم لأن فيه ظهرت لاهوتية المسيح وشهد له الأب في العماد ونزل عليه الروح القدس بشبه حمامة وظهر الذي شهد له للقيام أن هذا هو الله الحقيقي وابن الله (رسطب 66 المجموع الصفوى صحيفة 197، 198) وأقول الآباء تؤيد ذلك.. فالذهبي فمه يقول (أن عيد الظهور الإلهي هو من الأعياد الأولية عندنا وقد تعين تذكارًا لظهور الإله على الأرض ومعاشرته للبشر (عظته العنصرة راجع 152 على الظهور الإلهي) ومثله القديس اغريغوريوس الكبير في مقالته على عيد الظهور الإلهي... والقديس ايبفانيوس (راجع اتحاد الكنائس وجه 96).
هذا ونلاحظ هنا مع أحد العلماء أن مسيحي الشرق في الثلاثة أجيال الأولى كانوا يحتفلون بعيدى الميلاد والغطاس معًا تذكارًا لظهور سر التثليث... ولكن لما تعين اليوم الذي ولد فيه المخلص وكذلك يوم عماده من مؤلفات اليهود التي جمعها يسطس الروماني ونقلها من أورشليم إلى رومية جعلوهما عيدين يحتفلون بهما في وقتين مختلفين ومن ثم نقلوا هذه الفريضة إلى الغرب بواسطة المواصلات التي كانت بين مدن أسيا الصغرى وبلاد فرنسا.. كما شهد كاتبونوس (راجع اتحاد الكنائس وجه 96)... وكان الغربيون ولا يزالون يقيمون في هذا اليوم (العيد) سجود المجوس الذين بواسطتهم أعلن المسيح ذاته للأمم (عظات القديس أغسطينوس 202)، ولا يزال بعض المؤمنين يعمدون أولادهم فيه أيضا.