19 - 06 - 2012, 01:29 AM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
هول الصليب
« من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزي » (عب2:12)
نحن نعلم أن الرب يسوع لم ينحرف قيد شعرة عن الخضوع الصامت الكامل لمشيئة الآب، إلا أننا نراه يكاد ينفطر جزعاً من هول الموت وشبح الصليب الذي أمامه. ونحن نعرف السبب، فلم يكن خوفه من الألم الجسماني رغم هول هذا الألم على جسده الحساس الطاهر الخالي من الخطية. ولم يكن جزعه مما هو عتيد أن يظهر علانية من بغض إسرائيل ونكرانهم للجميل رغم عمق محبته لأورشليم. ولم يكن ظل وادي الموت هو الذي يُخيفه، فإن داود وقديسين كثيرين استطاعوا أن يقولوا « إن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا ». كلا، فإن يسوع وهو فخر وتعبد وقوة فرح جميع الشهداء، لم يَمُت مجرد موت شهيد. إنه البار الذي مات من أجل الفجار. إن ما يعنيه الناس عند كلامهم عن الموت ومخاوف الموت، لم يكن له أي أثر للرعب عند الرب يسوع، فهو الذي قال لتلاميذه « لعازر حبيبنا قد نام ». وفى سياق تعزياته لهم في تلك الليلة الأخيرة، تكلم عن موته كمجرد ذهاب إلى بيت الآب وطلب إليهم أن يفرحوا بالأحرى لأنه ذاهب إلى بيت وعرش أبيه، وبهدوء كامل استودع روحه أخيراً في يد الآب. فالعداوة والمقاومة والإحتقار وكل ما أظهرته أمته وحكامها - كل هذا رغم وقعه الشديد على قلبه الـمُحب، كان معروفاً لديه من سنين وقد احتمله كله بصبر وهدوء وشجاعة عظيمة ورجاء لا يتزعزع عالماً أنه بالوداعة سيغلب وسينتصر، وأن الآب سيُنجح عمله. ولذلك فإن الشجاعة المطلقة التي هي وليدة الإيمان الكامل في الله لازمته في كل خطوة من خطواته وتميزت بها كل أعماله ومواقفه.
فهو لم يَخف من إنسان قط. وكما علـَّم تلاميذه ألاّ يخافوا من الذي له استطاعة أن يقتل الجسد فقط، كان هو أيضاً له المجد يقابل كل خطر وكل مقاومة بحنان ثابت وبهدوء عظيم مبعثه الإيمان الراسخ في الله. فمن أين إذاً كان الحزن الشديد والاكتئاب العميق والرعب الهائل في بستان جثسيمانى؟
لقد عرف له المجد أنه كبديلنا على الصليب سيحتمل دينونة الخطية وأن نفسه ستُترك وحيدة، وأنه سيُحرم من ضياء وجه الله، وأن هذا الذي هو فرحه الوحيد ومصدر قوته بل جوهر حياته، سيؤخذ منه. لقد ذاق الموت الذي شوكته الخطية وقوته الناموس، وعندما رأى ما كان ينتظره - الموت في علاقته بالغضب الإلهي ــ ارتعد وارتعب وكان في صراع وحزن شديد. هذا هو سر فزعه في بستان جثسيمانى وهو فزع لا يمكننا أن نتصوره بعقولنا.
|