|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تعالوا بنا ندرس أحد رمز العهد القديم، أعني به هارون رئيس الكهنة. لما أراد الله أن يُقيم كاهنـًا للشعب، أقام هارون لعمل الكهنوت ولم يُقِم موسى. لماذا لم يُقم موسى، مع أن موسى كانت له قدرات تفوق هارون؟ لكي نعرف السبب لنرجع للوراء لنصل إلى نشأة كل منهما، ونرى كيف قضى كل منهما طفولته وشبابه المبكر الذي فيه تتكون الشخصية وتُبنى. فهارون قضى طفولته وشبابه في عبودية الطين واللِّبْن، أما موسى فقضاها في القصر. هارون كان ينام ويستيقظ على سياط المُسَخِّرين، وموسى كان ينام ويستيقظ على صوت المغنيين. هارون تَمرَّغَ جسده في معاجن الطين، وموسى تغطَى جسده بمعاجين الطيب. لذلك كان هارون هو الأجدر بأن يشعر بآلام الشعب وأثقاله أكثر من موسى. ولكن هارون كان رمزًا بسيطـًا باهتـًا لمَن هو أعظم من هارون. فهارون لم يكن يعرف ما في داخل الشعب، بل كان ينظر إلى الخارج فقط، وما كان يدري ما يؤلم الإنسان، إلا إذا عبّر المتألم عن آلامه لهارون. ولكن الرب - تبارك اسمه - لا يحتاج، ولا ينتظر حتى نُعَبِّر عن آلامِنا بالكلمات لكي يرثي لنا. بل هو يسمع التأوهات والأنَّات، ويرى الدموع ويكتبها في سفرٍ، ويحفظها في زقٍ. ويرثي لنا بكل مشاعره الرقيقة. |
|