|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فسَواءٌ نامَ أو قامَ لَيلَ نَهار، فالبَذْرُ يَنبُتُ ويَنمي، وهو لا يَدري كيفَ يَكونُ ذلك "هو لا يَدري كيفَ يَكونُ ذلك" فتشير الى عدم معرفة الزارع سرّ الانماء والنضوج، وبالتالي عدم السيطرة، والجهل بمصير البذار لان نمو الزرع لا يقوم الا بالوسائط كالمطر وضوء الشمس وحرارتها، وهذه ليست في سلطان الزارع. إنّه لا يملك أي شيء، ولا يستطيع أن يفعل أيّ شيء كي يجعل البذار تنضج. فالبذار تنبت وتنمو تلقائياً، ولكن دون الكشف عن سرّ قوّتها، ودون إظهار تطوّرها البطيء والأكيد. وفترة نمو الزرع طويلة، وتتمّ بعيداً عن الأعين، وفي سرية تامة في جوف التربة في عمل خفي حيث الزارع ينام ليله الطويل مطمئن البال، دون ان يساوره أي قلق، ولا معرفة له في عملية النمو. إنها فترة النمو والتغييرات العجيبة، إنه زمن حاسم، زمن عمل الله، فلا مجال لخيبة الأمل ولا الاضطراب ولا لنفاذ الصبر. إنها فترة انتظار واثق: فالزارع ينتظر بصبر ثمار عمله، يملأه الرجاء بمحبة الله. وتقع عملية النمو بين الزرع والحصاد؛ ولا يقاس النمو بما نعرف او لا نعرف إنما نحن أمام الإيمان الذي يعرف ان ينتظر. كما ان الناس لا يروا نمو البذرة بشكل ظاهر للعيان كذلك ملكوت الله ينمو من غير ان يلاحظه كثيرون، ولا يكشف هذا النمو إلا الايمان. وهنا يعُلن مرقس الإنجيلي ان النمو الروحي عملٌ تدريجيٌ مستمرُ الى ان يبلغ نهايته في الحصاد. |
|