قيل "ولم يعرف صموئيل الرب بعد ولا أُعلن له كلام الرب بعد" [7]. شتان بين عدم معرفة صموئيل وعدم معرفة ابني عالي، صموئيل لم يكن بعد قد تعرف عليه خلال صوته والرؤى لكنه تعرف عليه خلال الإيمان والخبرة اليومية، أما ابنا عالي فلم يعرفاه إذ لم يتمتعا بالطاعة والمحبة وخبرة الشركة معه.
في ملء الزمان لم نسمع الصوت فحسب -كما حدث مع صموئيل النبي- وإنما جاء الكلمة الإلهي ذاته متجسدًا، وحلَّ بيننا لنعاينه ونتعرف ونثبت فيه، فيحملنا إلى حضن أبيه ويكشف لنا أسراره الإلهية. هذه هي المعرفة التي لأجلها تهلل يسوع رب المجد عندما قدمها للمؤمنين خلال البساطة (لو 10: 21).
وقد دعا القديس أكليمندس الإسكندري المسيحيَّ الحق "غنوسيًا" أي صاحبَ معرفة روحية، غايته أن يتعرف على الله (الحق) ويراه، أي يعبر إلى كمال المعرفة خلال الإيمان، وذلك بخبرة الحياة النقية والتأمل الدائم. هذه المعرفة هي هبة إلهية نتقبلها خلال الابن، بقبولنا إياه وتشبهنا به، أي خلال نقاوة القلب نُعاين الله وندرك ما يبدو للآخرين غير مُدْرَك .