|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الله يطعم شعبه: 30 ثُمَّ انْحَازَ مُوسَى إِلَى الْمَحَلَّةِ هُوَ وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ. 31 فَخَرَجَتْ رِيحٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَسَاقَتْ سَلْوَى مِنَ الْبَحْرِ وَأَلْقَتْهَا عَلَى الْمَحَلَّةِ، نَحْوَ مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَا وَمَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَاكَ، حَوَالَيِ الْمَحَلَّةِ، وَنَحْوَ ذِرَاعَيْنِ فَوْقَ وَجْهِ الأَرْضِ. 32 فَقَامَ الشَّعْبُ كُلَّ ذلِكَ النَّهَارِ، وَكُلَّ اللَّيْلِ وَكُلَّ يَوْمِ الْغَدِ وَجَمَعُوا السَّلْوَى. الَّذِي قَلَّلَ جَمَعَ عَشَرَةَ حَوَامِرَ. وَسَطَّحُوهَا لَهُمْ مَسَاطِحَ حَوَالَيِ الْمَحَلَّةِ. 33 وَإِذْ كَانَ اللَّحْمُ بَعْدُ بَيْنَ أَسْنَانِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ، حَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى الشَّعْبِ، وَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدًّا. 34 فَدُعِيَ اسْمُ ذلِكَ الْمَوْضِعِ «قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ» لأَنَّهُمْ هُنَاكَ دَفَنُوا الْقَوْمَ الَّذِينَ اشْتَهَوْا. 35 وَمِنْ قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ ارْتَحَلَ الشَّعْبُ إِلَى حَضَيْرُوتَ، فَكَانُوا فِي حَضَيْرُوتَ. استصعب موسى النبي الأمر حين أمر الله أن يتقدس الشعب ليعطيهم سؤل قلبهم فيأكلون لحمًا لا يومًا واحدًا ولا يومين ولا خمسة أيام ولا عشرة أيام ولا عشرين يومًا بل شهرًا من الزمان (ع 19-20) إن كان عدد الرجال المشاة حوالي ست مائة ألف نسمة بخلاف النساء والأطفال واللاويّين... وكأن تعدادهم يبلغ حوالي 2 مليون نسمة، كيف يأكل هؤلاء جميعًا لحمًا في البريّة لمدة شهر من الزمان؟ قال موسى: "أيذبح لهم غنم وبقر ليكفيهم أم يجمع لهم كل سمك البحر ليكفيهم؟" [22]. وكأنه يقول إن الأمر يحتاج إلى ذبح كل المواشي أو صيد كل سمك البحر... لكن الرب أجابه: "هل تقصر يدّ الرب؟ الآن ترى أيوافيك كلامي أم لا" [23]. لقد أشبعهم الرب لحمًا لا بذبح مواشي ولا بصيد أسماك، إنما أرسل لهم طيرًا صغيرًا "السلوى" أو "السمّان" ساقها إليهم بريح نحو المَحَلَّة. هكذا يعطينا الله أكثر مما نسأل وفوق ما نطلب وبطريقة لا نتوقعها معلنًا أن يده لا تقصر، قائلًا: "لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود" (زك 4: 6). يرى البعض في تصرف الله أن هذا الإنسان ينبغي أن يشبع كل احتياجات طفله ولا يحرمه من شيء حتى لا يشتهي شيئًا، فقد أشبع الله الشعب وأعطاهم أكثر مما يطلبون، غير أن الرأي المضاد يرى أن الإنسان إذ يعتاد على حياة الترف في طفولته لا يقدر أن يتخلى عنها. لقد قدَّم الله لهم لحمًا بكثرة، وإذ انقضوا عليها بشراهة وشهوة غضب الرب عليهم وضربهم ضربة عظيمة جدًا (ع 33)، ليس لأنهم يأكلون اللحم ولكن من أجل الشهوة التي تملكت عليهم، وكما يقول المرتل "بَلِ اشْتَهَوْا شَهْوَةً فِي الْبَرِّيَّةِ، وَجَرَّبُوا اللهَ فِي الْقَفْرِ. فَأَعْطَاهُمْ سُؤْلَهُمْ، وَأَرْسَلَ هُزَالًا فِي أَنْفُسِهِمْ" (مز 106: 14-15). قبل أن ننهي الأصحاح نذكر تعليق العلامة أوريجينوس على قول الوحي: "خرج موسى وكلَّم الشعب بكلام الرب" [24]: "ما دام موسى يصغي إلى كلام الرب ويستلم التعاليم يكون في الداخل، يعيش في خلوة أكثر سرية، لكنه عندما يتكلم مع الجموع لا يقدر أن يبقى في الداخل بل يقول الكتاب أنه خرج... أظن أن بولس أيضًا كان يفعل هكذا، فإنه كان في الداخل عندما قال: نُعَلِّم "بِحِكْمَةٍ بَيْنَ الْكَامِلِينَ، وَلكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هذَا الدَّهْرِ، وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هذَا الدَّهْرِ" (1 كو 2: 6). انظر كيف كان بولس في الداخل ينظر إلى أسرار الحكمة الإلهيّة الداخليّة أثناء تسلمه هذه التعاليم. لكنه عندما يخرج للشعب اسمع بماذا يعلم: "لا تخرج كلمة رديئة من أفواهكم" (أف 4: 29)، "لا يسرق السارق فيما بعد" (أف 4: 28) إلخ... هذه الكلمات وما على نمطها إنما هي تعاليم الرسول ينطق بها حين يخرج خارجًا ليعلم الشعب كما فعل موسى النبي. |
|