|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ماذا يعلِّمنا درس الفلسين؟! أولاً: يُذكّرنا أن عين الرب تُراقبنا عند العطاء: «وَجَلَسَ يَسُوعُ تُجَاهَ الْخِزَانَةِ»: كانت عينا الرب على هذه الأرملة، وقد لاحظ ما فعلته. إنه يقدِّر كل ما يصدر من القلب، مهما كان صغيرًا جدًا، وهو يستعرض دوافعنا ومدى إمكانياتنا، وهو يقدِّر عطايانا عندما نُعطيها، ويُحدِّد قيمتها النسبية بدون خطأ. ثانيًا: الرب لا ينظر إلى ما نُعطي، بل ينظر كيف نعطي: إنه يُلاحظ الكيفية، وليس الكمية. فذاك الذي جلس تجاه الخزانة «نَظَرَ كَيْفَ يُلْقِي الْجَمْعُ نُحَاسًا فِي الْخِزَانَةِ» (مرقس١٢: ٤١). وهنا تنفتح أعيننا على حقيقة ثانية خطيرة أن عين الرب تلاحظ كيف نُعطي. إن عيناه الفاحصتان ليست على كيس نقودنا، لكن على قلب كل مِنا. إنه يَزِن ليس المبلغ، لكن الدافع والمحرِّك والطاقة للعطاء «لأَنَّ الْمُعْطِيَ الْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ» (٢كورنثوس٩: ٧)، ولأنه «مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ» (أعمال٢٠: ٣٥). وفي رومية ١٢: ٨ يتكلَّم الرسول عن الكيفية التي يجب يؤدي بها العطاء، فيقول: «الْمُعْطِي فَبِسَخَاءٍ». “السخاء” هنا معناه بساطة وسماحة القلب ونقاوة الدوافع ومخافة الله. إن كلمة الله فاحصة حقًا، فهي تحفظ من حب الظهور والمديح، ومن الدوافع الخاطئة والأغراض غير اللائقة، ومن الجهة الأخرى تحذرنا من أعذار التخلُّص الواهية مثل “ليست عندي فرصة مناسبة، فالتزاماتي كثيرة ولا أستطيع أن أعطي”. ثالثًا: الله يحكم على قيمة العطاء لا بمقدار ما قُدِّم، بل بمقدار ما تبقَّى: كان هناك أغنياء كثيرون يلقون كثيرًا. لم يذكر الكتاب كم ألقوا. وكانت هناك أرملة فقيرة وألقت فلسين. ولكن كفة الأغنياء ارتفعت إلى فوق لأن الرب نظر إلى ما احتجزوه لأنفسهم بعد الذي ألقوه في الخزانة. ولم يكن ذلك في صالحهم، أما كفة هذه الأرملة فقد ثقلت لأنها ألقت الفلسين ولم تحتجز شيئًا. والله لا يرفض تقدمات الفقراء القليلة، ولكنه لا يُسرّ بتقدمات الأغنياء الشحيحة (ملاخي١: ١٣). إن الاختبار العملي لنوع عطايانا هو أن يسأل الواحد نفسه: هل عطاياي لله تكلفني حقيقةً؟ أم أنني أعطي فقط القليل مما يتبقى بعد أن قمت بشراء كل ما أحتاجه؟ هل أنا أشعر بهذه العطية؟ أي، هل هذه العطية حقًا تؤثر في ميزانيتي؟ فإن لم يكن الجواب بالإيجاب، فينبغي أن أزيد عطائي. رابعًا: أننا أحيانًا نطبِّق مدح الرب لعمل هذه الأرملة تطبيقًا خاطئًا: فبعض الأفراد يقولون إنهم يُعطون عطاءً بسيطًا، مجرد فلس، أقل مما كان ينبغي أن يُعطى، ويقولون إن الرب الذي مدح فلس الأرملة، لا بد أن يمدح عطيتهم القليلة. ولكنهم قبل أن يطالبوا بمديح الرب لهم، يجب أن يتذكروا أن المرأة لم تُعطِ واحدًا فقط من فلسيها، ولكن كليهما معًا، فهي لم تُعطِ“ نصف أموالها” مثل زكَّا، بل أعطت «كُلَّ مَعِيشَتِهَا»، فهي لم تقف عند حد العشور أو النصف، أو ما هو أكثر من النصف، إذ أعطت كل شيء دون تحفظ، أو اضطرار، أو شكوى، أو ضيق. وأخيرًا: أسأل نفسي: هل أقوم بتبرعات ما، أم أنني أقوم حقًا بتضحيات كتلك الأرملة التي مدحها الرب؟ لهذا يجب علينا أن نفحص قلوبنا وأفكارنا ونوايانا، فهل نحن مستعدون لذلك؟ ولنتفكَّر في كم يساوي التكريس القلبي في موازين الأقداس، وكم هو مُسرّ لقلب الله، ولنتذكَّر أن إخلاصنا وتكريسنا إنما يُمتحنان ساعة العطاء ليس بمبلغ ما نعطي، بل بمبلغ ما نحجز لأجل أغراضنا الخاصة، وهذا تشجيع عظيم لمَن عنده القليل، ولكن عنده رغبة عظيمة في العطاء لله. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الكتاب المقدس يعلِّمنا أن نعمل الذي يفيد بطريقة إيجابية |
المسيح نفسه يعلِّمنا ويرشدنا كيف نسلك فيه |
الكتاب المقدس يعلِّمنا أن نضبط أنفسنا في كل شيء |
الفلسين |
ذات الفلسين |