الحاجز الثالث ضد الظن بأن نوح قد بدأ جيلا جديدا خال من الخطية هو تكوين ٦: ٨. سبب نجاة نوح هو أنه “وَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ”. لم يكن نوح بلا خطية، لكنه وجد نعمة عند الله لأنه “سار مع الله” (٦: ٩): اتفق مع الله بشأن شر خطيته، تحول عنها، ووضع ثقته في نعمة الله. ودعي بارا وكاملا في تكوين ٦: ٩. ولكن كلمة كاملا في العهد القديم، لا تعني دائما بلا خطية. فقد يوصف الإنسان كاملا إذا لم يستمر في تصرفاته الخاطئة، واذا كرهها، وتحوّل عنها، وأتى إلى الله طالبا رحمته (راجع أيوب ١: ١). كما أن البر لا يعني بلا خطية. ففي العهد القديم، الإنسان البار هو الخاطئ الذي يكره الخطية، ويتحوّل عنها، ويثق في الله، ويسعى للطاعة، ويحظى بالقبول بالنعمة. (راجع مزمور ٣٢: ١-٢، ١٠-١١). وهذا ما تؤكده رسالة العبرانيين ١١: ٧ “بِالإيمان نُوحٌ لَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ عَنْ أُمُورٍ لَمْ تُرَ بَعْدُ خَافَ، فَبَنَى فُلْكًا لِخَلاَصِ بَيْتِهِ، فَبِهِ دَانَ الْعَالَمَ، وَصَارَ وَارِثًا لِلْبِرِّ الَّذِي حَسَبَ الإيمان“.
لم يكن نوح استثناءً لقانون الخطية العالميّة. لكنه أختبر ما يسميه العهد القديم “ختان القلب” (تثنية ٣٠: ٦)، الذي يطلق عليه في العهد الجديد الولادة الجديدة (١ بطرس ١: ٢٣). فهذا أعطى مجالا للتوبة والإيمان. ولذلك، فإن عقيدة الخطية تُعد الدرس الأول لهذه القصة. فبدون الولادة الجديدة والإيمان يمكن أن يُقال عن الانسان، اي كل الرجال والنساء والأطفال “كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ.” (تكوين ٦: ٥). في حال رفض هذه العقيدة، ينهار معنى الطوفان ويصبح موسم ميلاد المسيح مقدمة لخرافة جميلة.